طلال شوّار
بدأت الحكومة التركية في الشهور الست الأخيرة بإجراءات منح الجنسية التركية للكفاءات العلمية والمهنية السورية المقيمة على أراضيها، وممَّن يحملون بطاقة الحماية المؤقتة (الكمليك).
ولعلَّ الكثيرين يعتبرون الجنسية الثانية مكسبا لأي شخص كان بغض النظر عن جنسيته الأم التي يحملها، فكيف إذا كان هذا الشخص سورياً، ونحن نعلم ما يعانيه السوريون اليوم جراء الأوضاع السائدة في بلادهم منذ ما يقارب الست سنوات من دمار وقتل وتشريد.
قمنا في جريدة حبر بإجراء استطلاع شارك فيه ما يقارب (600) شخصاً من السوريين المقيمين في تركيا حول ما إذا كانوا يرون أنَّ قرار منح الجنسية للكفاءات السورية يصبُّ في مصلحة السوريين عموماً أم لا، كانت اﻹجابات على الشكل التالي:
صوَّت (310) شخصاً بـ (لا) بنسبة 52%، بينما صوت (290) شخصاً بـ (نعم) وهو ما نسبته 48%
ومن بين الذين صوتوا ضد هذا الإجراء أبو يحيى الذي يقيم في تركيا منذ سنوات ولا يحمل شهادة علمية تؤهله للحصول على الجنسية، فقد برر رفضه بأنَّ الجنسية مقتصرة على شريحة معينة من أصحاب الشهادات، ولن تمنح للجميع، وبالتالي فهي استغلال وتفريغ لسورية من كفاءاتها ولن تكون في مصلحة الشعب السوري.
في حين أجَّل أحمد محمد إبداء رأيه في الحكم على صواب القرار من عدمه حتى يرى الأمر واقعاً ملموساً، وما هي الميزات التي سيحصل عليها المجنسين؟ وكيف ستتعامل معهم الحكومة التركية كمزدوجي جنسية؟ حتى يقرر إن كانت في مصلحة السوريين أم لا.
أما علي. ع فقد رفضها رابطاً القرار بالتاريخ قائلاً: “التاريخ يعيد نفسه، فكما فعل العثمانيون عندما دخلوا البلاد العربية، وقام حينها السلطان سليم الأول بسوق غالبية الحرفيين والصناع المهرة والمبدعين إلى عاصمته الأستانة، فها هي اليوم تركيا تفعل الشيء ذاته بمنح الجنسية للكفاءات العلمية لتفريغ المجتمع السوري منهم مستقبلاً والاستفادة من إمكاناتهم ومواهبهم”.
في حين كان من بين الذين أيدوا القرار ورأوا أنَّه في مصلحة السوريين الأستاذ ياسر. ب الحقوقي، والموظف حالياً في إحدى المنظمات التي تهتم بالشأن السوري، وبرر تأييده لذلك قائلاً: “إنَّ الجنسية ستصب في مصلحة من يحصل عليها؛ كونه سوف يحصل على كامل حقوق المواطن التركي، وكون الجنسية السورية أصبحت عبئاً على حاملها بسبب سياسات الدول.”
بينما بررت سوسن طه تأييدها للقرار كونه يسهل أمور إقامة السوريين في تركيا وتصون كرامتهم التي أهدرها أرباب العمل الأتراك.
ممَّا سبق سرده نجد بأنَّ الشارع السوري في تركيا منقسم على نفسه حيال قرار منح الجنسية، يؤكد ذلك نسبة التصويت المتقاربة والآراء التي حصلنا عليها.
ومهما يكن من رأي فإنَّ القرار قد اتخذ وهو الآن قيد التنفيذ، ولاقى ارتياحاً وإقبالاً ملموساً من المستفيدين منه، لكن في النهاية يبقى الخاسر الأكبر في هذه الحالة هو الوطن الأم سورية التي ستعاني وبفترة ليست بالقصيرة من شحٍّ بالكفاءات والشهادات العلمية، وهو ما من شأنه أن ينعكس سلباً على المجالات كافة علمية، وبالتالي يدفع الوطن وأبناؤه ثمناً باهظاً يضاف إلى كم هائل من الأثمان التي دفعها وما يزال يدفعها جراء الأحداث القائمة.