بقلم رئيس التحريرانعقدت في الأسبوع الماضي وتعقّدت جولة محادثات جديدة تُضاف إلى المحادثات العقيمة حول الملف السوري، والجديد في اجتماع فيينا الأخير هو دخول إيران على الخط لتشارك أيديها البيضاء وسياستها الحكيمة في التوصل إلى صيغة سياسية تحقن الدماء وتوقف الحرب التي ما زالت تنفخ فيها منذ استعارها.وتأتي مشاركة إيران في المحادثات ضمن سعي القوى الإقليمية إلى إيجاد توازنات جديدة في الشرق الأوسط، ورسم خريطة جيوسياسية جديدة تظهر فيها سيادة إيران وقوة روسية التي غاب دورها في الفترة الأخيرة خاصة في ثورات الربيع العربي، إذ إنها كانت تنظر من بعيد وترقب الأحداث في ليبيا واليمن ومصر، فآن الآوان لتلقي بثقلها وتشارك في الملف السوري.وتثبت طهران في مشاركتها للمحادثات مكانتها المرموقة التي تمتعت بها بعد الاتفاق النووي مع الدول الخمس التي منحتها ثقة بذاتها وقوة كبيرة على الساحة الدولية، ولذلك أشارت (الفايننشال تايمز) إلى نقطة اعتبرتها من النقاط التي يجب مراعاتها لنجاح محادثات فيينا وهي تأكيد دور إيران الذي يدل على تحول مكانتها الدولية. وقد عبر عن ذلك وزير الخارجية البريطاني (فيليب هاموند) عندما نبه على قوة إيران المهمة في المنطقة. فحضور الشيطان الأكبر في فيينا يؤكد لعبة التوازن الإقليمية التي تلعبها أمريكا مع حلفائها على العلن وتحت الطاولة.فعلى الرغم من الجرائم التي ارتكبتها إيران وترتكبها بحق السنة في الأحواز، والفتن التي تشعلها في دول الخليج النائمة عن المكر الإيراني، وعلى الرغم من الدماء التي تسفكها في سورية كل يوم باسم الحفاظ على مجموعة من الأحجار المقدسة والثأر للذين ماتوا منذ أكثر من ألف سنة، على الرغم من كل ذلك تُستقبَل إيران في العاصمة النمساوية على أنها دولة جادة في وضع حجر السلام والمصالحة.ويبدو لنا أن استدعاء إيران إلى طاولة المحادثات لا يهدف إلى تأكيد دورها فحسب، بل إلى زيادة تعقيد الملف وإفشال المحادثات أيضًا، فيتحول الاجتماع إلى جولة فارغة تملأ فيها الكروش وتتناطح الرؤوس، ولذلك دعا السيد (بان كي مون) مسبقًا الأطراف المجتمعة إلى إظهار (الليونة) وعدم (تيبيس الراس). ثم إن غياب الأطراف السورية عن المحادثات ينبئ بفشلها ولو كانت برعاية الرجل الذي عقد الصلح بين بكر وتغلب!فإضافة إلى غياب المعنيين بالأمر فقد مثل الوجود الإيراني حجر عثرة في الاجتماع، لأن إيران اعتبرت نفسها أمينة على رأي (الجماهير) السورية ومصيرها ومستقبلها، والعين الإيرانية ترى الشعب السوري ملتفا حول قيادته الحكيمة تحت سقف الوطن وفي أحضان الوطن، وقد نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإيرانية عن مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية (حسين عبد اللهيان) قوله في مقابلة تلفزيونية: “الجمهورية الإسلامية لم تسمح في اجتماعات فيينا باتخاذ أي قرار نيابة عن الشعب السوري”. مع العلم أن الإيرانيين لبوا نداء المحادثات وهم يعلمون أن الطاولة تخلو من الأطراف السورية جميعها!وبعد ذلك كله يتساءل مخططو الاجتماع ببلاهة: لماذا فشلت محادثات فيينا؟!.