قيس الأحمد |
من شمال سورية إلى جنوبها وغربها وشرقها، ظروف اقتصادية متردية تلقي بظلالها على المدنيين، وممَّا زاد الطين بِلة تدهور الليرة السورية أمام العملات الصعبة وخاصة الدولار.
فالواقع الاقتصادي السيء قابله انتشار للبطالة وقلة فرص العمل في عموم المناطق بالداخل السوري ومنها المنطقة الشرقية (الرقة والحسكة ودير الزور)، وفي حال توافرت فرصة عمل واحدة فإنها لا تكفي لسد رمق العيش، بل ربما يضطر المدني للعمل بأكثر من مهنة لتأمين دخل يعينه وعائلته على تأمين الاحتياجات اليومية المتزايدة.
صحيفة (حبر) رصدت واقع فرص العمل في تلك المناطق، والبداية كانت من مدينة (دير الزور) إذ قال (علي) وهو أحد سكان المدينة الذي فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: “لا يوجد فرص عمل خصوصًا في ظل ارتفاع الدولار، يضاف إلى ذلك الآثار التي خلقها علينا حصار داعش فترة طويلة، والأعمال الحرة كالعتالة وأعمال البناء وبيع المحروقات المهربة هي من أهم المهن التي يعمل بها سكان دير الزور، وأغلب الناس يعملون أكثر من عمل ليقوموا بسد الحد الأدنى من مقومات الحياة”.
ولفت (علي) الانتباه إلى أنه بسبب البطالة لم يكن هناك بديل سوى الانضمام لصفوف الفصائل العسكرية المسيطرة على المنطقة، وقال: “العديد من الشباب قاموا بالانتساب إلى الفصائل المسلحة طمعًا في الراتب المقدم لهم”.
ولا يختلف الحال كثيرًا في مدينة (الرقة) التي تخضع لسيطرة مليشيا (قسد) التي تتحكم بكامل مفاصل الحياة فيها، وخاصة الشقين الاقتصادي والعسكري.
وعن واقع فرص العمل هناك أوضح (سالم) أحد سكان المدينة (اسم مستعار) أن “بعض الشباب يعملون في المنظمات مقابل راتب يصل إلى 400 دولار، والباقي يعمل في مختلف المهن، وأغلب أهل الرقة هم مزارعون، إلا أن الزراعة توقفت هذا العام بسبب حرق المحاصيل”.
وفيما يخص تغطية الاحتياجات الشهرية قال (سالم): ” إن من يعمل لدى المنظمات يغطي مصروفه الشهري، أما أصحاب المهن يحتاجون إلى ما يقارب 200 دولار وهو الحد الأدنى للمعيشة”.
ولا يقل مصروف العائلة بشكل وسطي يوميًا، حسب تقديرات (سالم) عن 5 آلاف ليرة سورية، وهو الحد الأدنى للمعيشة خاصة في ظل غلاء الأسعار، إذ يصل كغ البندورة مثلا إلى 1000 ليرة سورية.
أما كيف يلجأ من يعمل في مهنة واحدة أو يجد صعوبة في تأمين عمل لكسب لقمته “يلجا إلى العمل على بسطات المازوت، أو يعتمد على الحوالات الخارجية، بالإضافة إلى المتطوعين مع مليشيا (قسد) نتيجة الفقر والحاجة مقابل راتب شهري بحدود 300 دولار”.
وبالتوجه صوب مدينة الحسكة، تلقي البطالة بظلالها بشكل كبير على الشباب في تلك المنطقة ما يضطرهم للالتحاق بصفوف القوة العسكرية والأمنية هناك سواء من نظام الأسد أو مليشيا قسد.
وفي هذا الصدد قال (عباس أبو الزين): “إن الناس بشكل عام عاطلة عن العمل وخاصة الشباب لأن أغلبهم مطلوبون، ومنهم من يلجأ للانضمام للدفاع الذاتي أو لنظام الأسد من أجل الراتب، وهناك فئة طلاب الجامعات والمدارس وهؤلاء يتابعون الدراسة من أجل الحصول على التأجيل”.
أما المهن الأبرز في المنطقة حسب (أبو الزين) فهي “حفر الخنادق وهي منتشرة حاليًا، وهناك مهنة (نجار الباطون) خاصة وأن هناك مشاريع عقارية انتشرت بكثرة في الحسكة، وبشكل عام المهن كلها شغالة مادام الإعمار شغال”.
وأشار (أبو الزين) إلى أن “مصروف العائل الشهري يصل إلى حدود 200 ألف ليرة سورية، أما العائلة التي وضعها صفر فهي تحتاج 100 ألف ليرة سورية شهريًا ثمن طعام فقط، فضلاً عن اللباس والأثاث ومصاريف الطبابة والعلاج والأمراض.”
وتابع (أبو الزين) قائلاً: “إن الموظفين أغلبهم يعمل بمهنة أخرى بعد دوامه الرسمي من أجل تأمين لقمة عيشه، أما بالنسبة إلى باقي الفئات فـ 75% من الشباب هم من المتطوعين في صفوف الأسد أو قسد و20% طلاب، أما من تبقى فهو يصارع الحياة من أجل ألا يموت.”
ووسط كل ما ذُكر آنفًا عن الوضع الاقتصادي وفرص العمل والبطالة في المنطقة الشرقية، يبقى ذلك “غيض من فيض”، ويبقى العنوان العريض هو “تأمين لقمة العيش”