ناهد البكري |
ماتزال أزمة غلاء أجور المنازل تتصدر قائمة الأزمات التي يعاني منها المهجَّرون، في ظل تضخم الوافدين وقلة والمنازل واستغلال أصحاب الشقق السكنية ومالكي العقارات الذين لا يعيرون أدنى اهتمام لدخل النازح، ففي أغلب الأحيان لا يملك المُهجَّر قوت يومه وأسرته، فأسعار إيجارات المنازل في المناطق الحدودية مع تركيا مرتفعة جدًا، رَغم كل ظروف النازح المأساوية، بل مُرشحة دائمًا للارتفاع غير الملائم مع دخل المواطن المتدني بل المعدوم لدى الكثيرين، وسط استغلال الملاكين حاجة المُهجَّر لمأوى، والاستفادة من العرض والطلب الذي يتحكم بأسعار الإيجارات.
إلا أن لهيب الارتفاع لم يقتصر على المناطق الحدودية مع تركيا (كحارم، وسرمدا، وسلقين..)، إنما امتد إلى مناطق كانت تشهد أسعارًا مقبولة مثل (أرمناز، وكفرتخاريم، وملس، ومعرتمصرين..) وهي مناطق وضعها الأمني غير مستقر، والاقتصادي أقل بل لا يقارن مع المناطق الحدودية، إلا أن أسعار الإيجارات فيها زادت ثلاثة أضعاف عن سعرها المعتاد، حيث كان إيجار المنزل فيها يعادل 50 دولارًا، بحسب استطلاعنا، إلا أنها ارتفعت ثلاثة أضعاف، وترافق ذلك مع شروطٍ إضافية للمؤجرين، كتحديد عدد السكان، أو طلب دفع إيجار ستة أشهرٍ سلفًا.
العودة إلى مناطق الخطر
فمع ازدياد ارتفاع أسعار المنازل، وعدم القدرة على الدفع، يضطر أغلب المهجرين إلى الهروب من لهيب الاستغلال إلى لهيب الخطر.
(خالد المصري) مهجر من ريف حماة الشمالي، حاله حال الكثيرين الذين استُغلوا من قبل أصحاب البيوت حيث قال: “كنت أسكن في منزل بمنطقة (كفرتخاريم) ادفع إيجار المنزل (50) دولارًا، وكان هناك عقد مُسبق، لكن عند تجديد العقد طلب مني صاحب المنزل ضعف قيمة الإيجار السابق فصار (100) دولار، ولا أستطيع دفع هذا المبلغ الكبير، فقررت الذهاب إلى (بسنقول) قرية تقع على خط (m4) وهي منطقة (خطرة).”
غلاء بالتدريج.. وأسبابٌ متفاوتة
(أبو أحمد) مهجَّر من مدينة معرة النعمان يقول: “كانت أسعار الإيجارات مقبولة بالنسبة إلى باقي المناطق الحدودية، ولكن بدأت منذ مدة ترتفع بشكل جنوني، حيث زادت إلى الضعفين، والأهالي بدأوا يطلبون عقودًا وإيجارات غالية”.
وأضاف أبو أحمد: “ارتفاع الدولار غير المسبوق، وازدياد عدد المهجرين بالنسبة إلى المنازل الموجودة في مناطق المحرر، وعدم وضع خططٍ موحدة من قبل الجهات المسؤولة، وازدياد الطلب على أماكن السكن، زاد الوضع سوءًا، وانعكس سلبًا على أحوالنا، وأدى إلى تلاعب بأسعار العقارات وتحكم مالكيها”.
المجالس المحلية ودورها
عدم وضع خطة من الجهات المسؤولة لضبط الأسعار، والتضخم الاقتصادي بات فرصة للاستغلال وللتلاعب من قبل المالكين.
عن هذا يحدثنا (وليد صوراني) مسؤول المكتب الإغاثي في المجلس المحلي لبلدة (كفرتخاريم) حيث قال: “إن المجلس المحلي يحاول وضع خطط، ويقوم ببوادر لضبط الأسعار في المنطقة، وتم تعيين ثلاثة أعضاء وأنا من ضمنهم، لضبط أسعار إيجارات المنازل، وملاحقة المتلاعبين بالعقود”.
وأضاف (صوراني): “بالإضافة إلى ذلك تم وضع مكتب شكاوى، يلجأ إليه النازح الذي يتم استغلاله لملاحقة الموضوع ووضع سعر منطقي”.
تابع (صوراني): “لقد وضعنا مراكز إيواءٍ للنازحين، كبيوت غير مكتملة، ومراكز عامة كالمركز الثقافي، والزراعي، والمياه، والمدارس”.
أردف (صوراني) بقوله: “المجلس المحلي يعمل ما يستطيع كوضع خطة لأسعار المنازل الموجودة تبعًا لمساحة المنازل وعدد الغرف، وقربه من مركز المدينة أو بعده عنها”.
وعن قبول الأهالي للخطة تابع بقوله: “لا ننفي أن هناك بعض الجشعين غير الملتزمين بالخطة، ونحن نحاول جاهدين السيطرة على الوضع، ولكن هناك سكان متفاهمون يطبقون الأسعار المطروحة في الخطة، وننوه إلى أن العديد من الناس يعيشون من مردود الإيجار، فيستغلون حاجة النازح للسكن لكي يزيدوا السعر”.
بين مطرقة الفقر وقهر النزوح، يقف الإنسان عاجزًا ليصبح الحصول على لقمة العيش والمبيت في منزلٍ يحفظ كرامة النازح التي هي أكبر أحلامه، تتفاوت الإيجارات ولكنها تبقى بشكلٍ عام مرتفعة، فهل سنشهد ارتفاعات أكبر في الأيام المقبلة؟