سلوى عبد الرحمن
مع اقتراب شهر رمضان تتسابق ربَّات البيوت لتخزين ما يتثنى لهنَّ من المواد الغذائية الضرورية تجهيزًا لإعداد وجبات إفطارٍ صحيةٍ وشهيةٍ تتناسب مع شهر الصيام في ظلِّ وضع اقتصادي متدهور في سورية، وبعيدًا عن الحرب وآثارها التي طالت حتى المأكولات الشعبية السورية الشهيرة نجد غالبية النساء يحاولنَ إدخال مأكولات وأطباق جديدة إلى المطبخ السوري عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
فماهي أبرز التطورات التي طرأت على الأصناف والأطباق التي تعدها ربَّات البيوت السوريات؟ وهل مازالت الأمهات والجدات دليل ربات البيوت في تعلم الوصفات؟ وماهي الوسائل البديلة للطبخ في ظلِّ نقص المواد خلال الفقر والحصار؟
لربما طرأت تطورات كبيرة على الشكل المعهود لبرامج الطبخ، فمن مطبخ الجدات والتلفاز إلى الطهي عبر مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي التي تلاقى رواجًا وإقبالًا واسعًا من قبل النساء الشابات خاصة خلال شهر رمضان والأعياد، وتتضمن تلك الصفحات والمواقع وصفات لمأكولات سهلة وسريعة التحضير مقارنة مع أكلات جداتنا التي تستهلك الكثير من المال والتعب.
للحديث عن هذا الموضوع كان لصحيفة حبر لقاءات متعددة مع بعض النسوة داخل مدينة إدلب بما فيها الأسر المهجرة قسراً من كافة المدن والبلدات السورية.
بين الأطباق والمكونات تقضي (ربا) من مدينة تلبيسة بريف حمص الكثير من الوقت لإعداد وجبات الطعام بأشكال وطرق متنوعة خاصة في شهر رمضان، وأوضحت قائلة: “رغم الحرب يدفعني التطور التكنلوجي لمتابعة برامج منوعة على مواقع التواصل بهدف الحصول على طبق شهي بأقل التكاليف لأسرتي.”
أمَّا (سلوى) من مدينة إدلب 44 عامًا إحدى المشتركات في مسابقة أفضل طبق الذي أقامه المكتب الدعوي النسائي أكَّدت لنا: ” المطبخ السوري غني بمكوناته وتنوع أطباقه لتقديم أشهى الوصفات، وعلينا المحافظة عليها، ولا بأس في إدخال بعض الوصفات لمائدتنا بشرط عدم ضياع مأكولاتنا الشعبية، فمن بين البيتزا والزنجر والفاهيتا لا أجد أطيب ولا أشهى من المنسف الديري والكبب والمشاوي الحلبية والفتات الشامية والمقلوبة بأنواعها والشيشبرك……..الخ.”
بينما أكدت (لينا) المسؤولة عن تنسيق مسابقة أفضل طبق بقولها: ” إنَّ الهدف من إقامة هذه المسابقات هي دمج النساء المهجرات مع نساء إدلب وتشجيعهنَّ على حضور التجمعات التي يقيمها المكتب الدعوي بهدف تطوير عمل ومهارات المرأة دينيًا وتربويًا واجتماعيًا.”
وانتقالًا إلى أشهر الصفحات والمواقع التي تلاقي إقبالًا واسعا من قبل السيدات نجد أنَّ (فانتازيا كيك) وهي صفحة على الفيسبوك تعرض وصفات متعددة للحلويات والكيك والمعجنات وطرق تزيينها، وتهتم بتعليم المبتدئات بعرض الطريقة مكتوبة أو مصورة، كما يوجد مواقع على اليوتيوب تعلم مهارات الطبخ بطرق أكاديمية عبر اتباع سلسلة من الفيديوهات.
أمَّا صفحة (أطيب طبخة) الذي حازت على إعجاب ملايين السيدات والرجال تعرض بوسائل مختلفة طرق طبخ وطهي المأكولات الشرقية والغربية بنكهات وطرق متعددة، وتعلّم ربَّات البيوت كيفية تزيين المائدة، كما وتقدم الصفحة وصفات ونصائح لطعام صحي ومتوازن وبرامج لتخسيس الوزن خاصة في شهر رمضان الذي تعتبره النسوة فرصة لإنقاص أوزانهنَّ، وتعرض الصفحة معلومات عن كيفية تنظيف الأواني والتخلص من الأطعمة الفاسدة وتفادي الكثير من الأخطاء الشائعة بين السيدات عن كلِّ ما يخص المطبخ.
بين سلبيات الطبخ على الإنترنت وإيجابياته نرى أنَّها تنقذ الكثير من السيدات المتزوجات حديثًا واللاتي يرغبنَ بإثبات قدرتهنَّ ومهارتهنَّ في طهي وإعداد الولائم وعدم عودتهنَّ لاستشارة أو سؤال أمهاتهنَّ أو حمواتهنَّ كيلا يتعرضنَ لانتقادات، إلا أنَّ تلك المواقع لم تكن منقذًا لهنَّ في ظلِّ الفقر والحصار الذي سببتهما الحرب، فكانت الحاجة إلى الطعام هي أمُّ الاختراع، فالأسر الفقيرة تعتمد في مطبخها على السلال الغذائية التي تحتوي على العدس والبرغل والرز، وهذه المواد كانت أساسية في اختراعات بديلة وجديدة من المأكولات في ظلِّ الحصار، فعلى سبيل المثال بعض النسوة اخترعنَ ما يسمى كبة العدس، ومنهنَّ من صنع الخبز والفلافل من الفاصولياء.
أمَّا في دول اللجوء فقد نقلت بعض السوريات وصفات المطبخ السوري معهنَّ فأبهرنَ به سكان دول المهجر من خلال الأطباق والمأكولات السورية بهدف الاكتفاء ماديًا ونشر ثقافة المطبخ السوري خاصة الحلبي المشهور بمأكولاته الشهية من الكبب والمحاشي والمشاوي والحلويات، فمعظمها يعتمد على اللحوم والمكسرات التي باتت حلمًا لكثير من السوريين في الداخل بعد الحرب.