قد لا يختلف معي كثيرون في أن ثورتنا تمرُّ بمرحلةٍ ومنعطفٍ سياسي واجتماعي وعسكري خطير من خلال تشعبات المصالح الدوليّة الملقاة على كاهل الثورة السوريّة وتعقيدات الجانب الذاتي والداخلي لهذا الجسد.
و أضحى من الواجب علينا بل ومن المحتّم أن نعود لصياغة أفكار وأسس أهدافنا الثوريّة لكي لا نبقى ذلك العنصر الحيادي في معادلة التفاهمات السياسيّة والمتغيرات الجيوسياسية والعسكرية فعلينا أن ننظر إليها نظرةً شاملةً ومتكاملة لأن هذا الاختلاف والضياع من ناحية مستوى الفاعليّة الثوريّة على الساحة العالميّة والداخلية لم ينشأ من جانب واحد أو أكثر بحيث يمكن احتواؤه ومن ثم علاجه أو تلافيه بل نشأ نتيجة ظهور منظومات اجتماعيّة وسياسيّة و فكرية كثيرة لم تنبثق من وجدان ثورتنا التي مضى على انطلاقها ما يقارب ست السنوات حيث تداخلت فيها قضايا الفكر والتصور السياسي والمصلحة والحكم بالإضافة للصراعات والمصالح الدولية.
ولذلك علينا تحديد أوجه هذه التناقضات والتيارات ومدى إمكانية اتصالنا بها وتأثرنا بها وجدوى تأثيرنا بها لنستطيع ضبط موضع الخلل والكشف عن إمكانياتنا وموقعنا الحقيقي على الساحة الداخلية والخارجية بدقّةٍ ووضوح لتعطينا رؤية واضحة لأدوار اللاعبين على الساحة السورية تعيدنا كقضية شعبٍ في مواجهة كل الأطراف وعلى مستوى المجتمع الدولي هذا الدور الذي فقدناه لعدم مواكبة أهدافنا ومبادئنا للظروف والمعطيات المتسارعة على الساحتين الدولية والداخلية.
إن الركود والإحباط الذي تعيشه الساحة الثورية هو في جوهره نقصٌ وضياعٌ للرؤيا السياسية والعسكرية أدّى الى يأسٍ اجتماعي تسبّب به ضعف تطوير الرؤى الثورية مع تطورات المماحكات الإقليمية والانصياع التام للمصالح الدولية المفروضة واقعياً علينا دون توظيفها والاستفادة منها في خدمة قضية الشعب السوري في وجه الأسد وزمرته.
ولعل ما يدور الحديث عنه الآن من مفاوضاتٍ واجتماعاتٍ وجولاتٍ أممية ما هو إلا لتشتيت الجهود الداخليّة لتوحيد وجهات النظر وإفراغ هذه الطاقات في مسارات جانبية مسدودة لحين احتوائه ودثره تحت الرماد على حين غرة لننساق بعد ذلك طوعياً نحو الاتّكال على ما سوف يأتي به الغيب المكنون من جعبة التسويات الإقليمية والدولية وليتمّ الدفع بنا ليس نحو أنصاف الحلول فقط بل إلى أدناها..
غسان الجمعة