عبد الملك قرة محمد |
تطورات وتغييرات كثيرة شهدها الأسبوع الفائت بما يتعلق بالقضية السورية، فمن الاجتماع الثلاثي في القدس حول سورية إلى مبادرة فرنسية – سعودية لضم قسد إلى معسكر المعارضة، بالإضافة إلى الصراع الروسي الإيراني للسيطرة على الأراضي السورية مع تعالي الأصوات الدولية بخروج إيران من سورية.
وللبحث في تفاصيل هذه التطورات نرحب بالأستاذ ميشيل كيلو السياسي السوري المعارض في صحيفة حبر للحديث عن آخر التطورات السياسية في سورية.
سيد ميشيل بدايةً دعنا نناقش بعض التصريحات التي أفدتم بها سابقاً، فقد قلت إن الاستهداف قد يتوقف بنهاية شهر حزيران، وبالتالي قد لا يكون هدف النظام اقتحام إدلب فما هو الهدف برأيكم؟
“كلامنا عبارة عن تقديرات، ولا يوجد تأكيد حول تفاهمات دولية أعقبت اتفاقًا دوليًّا بين تركيا وروسيا لوقف إطلاق النار مقابل إبعاد تركيا للتنظيمات الإرهابية، كما أسموها، في إدلب وهذا ما لم يحدث؛ لأن الأتراك يرون أن هيئة تحرير الشام لم تعد جبهة النصرة.
أما عن كلامي بما يخص وقف إطلاق النار بنهاية حزيران فحصلت عليها شخصيًّا من جهة تركية لها علاقة بالاتفاق الدولي حول إدلب، لكن لا أحد يعلم متى سيتوقف القتال.
كما أني أحاول نقل الحقيقة للناس لرفع الصمود والمعنويات وإقناعهم بأنهم ليسوا طرفاً خاسراً، أما بالنسبة إلى وقف إطلاق النار فهناك معلومات عن توقف القتال خلال الأسبوع القادم من الشهر السابع إن لم يتوقف نهاية الشهر الحالي.
ننتقل الآن إلى هدف النظام وروسيا من هذه الحملة، بدايةً إن المعلومات تفيد أن هناك ثلاث خواصر رخوة تريد روسيا التخلص منها، واحدة منها مقابلة للسقيلبية، والثانية مقابلة لانتشار عسكري في جورين، والثالثة لحماية مطار حميميم، وبلغة الأرقام فإن هناك كلاماً عن رغبة روسيا باحتلال 250 كم مربع وبمساحة 3 أو 6 كم عرضاً، حيث ستتوقف القوات الروسية أمام نقاط المراقبة التركية.
ولكن ما يجري لا يدعم أن روسيا تسعى للسيطرة على إدلب، وهناك خريطة نشرت فيها تفاصيل للتحرك الروسي تظهر مستطيلاً كبيراً في منتصف إدلب لن يدخل إليه أحد.
وعلينا ألا ننسى أن روسيا دولة كبرى لا تقبل الهزيمة بسهولة، وهي تتصرف بعقلية الدولة العظمى، بالنهاية نحن أمام وضع زئبقي نتقصى المعلومات ونحاول إيصالها للناس ليكونوا في وضع نفسي سليم.”
الكل يتحدث عن الاجتماع الثلاثي في تل أبيب ويصفونه ببداية النهاية، فهل ترون أنه مجدٍ لا سيما في ظل غياب الدوري التركي؟ ألا ترون أن تركيا لها دور أساسي في المسألة السورية رغم أنها لا تجاري قوة الثلاثي (روسيا – أمريكا – إسرائيل)؟
“غابت تركيا عن اجتماع القدس لأسباب عديدة، أولها أن هذا الاجتماع سيقرر سياسة القوى الثلاثة تجاه الوجود الإيراني في سورية، بالمقابل إن قررت الدول إخراج إيران فتركيا لن تنزف الدموع على إيران في حال قررت هذه الدول إخراجها.
الدور التركي الإيجابي مضمون من خلال التواصل مع روسيا، لذلك ليس من الضروري أن تحضر.
أما عن الاجتماع الثلاثي، بحسب معلومات، فإنه لم يتم التوصل إلى وجود تفاهمات حول الانسحاب الإيراني من سورية، لكن هناك تحركات كثيرة تدعم نظرية قبول روسيا بإبعاد القوات الإيرانية عن جنوب سورية (حدود إسرائيل) منها انسحاب الميليشيات الإيرانية من دير الزور.
لكن تم الاتفاق أنه لا يوجد حلول سياسية إلا بخروج كل القوات الأجنبية من سورية.
بدورنا نحن السوريين المعارضين علينا أن نكون مستعدين لأي نتائج قد لا تكون سارة لنا.
تلميع صورة الأسد مقابل خروج إيران ما رأيكم بهذه الصفقة؟ هل يمكن تنفيذها؟ وما هو مستقبل المناطق المحررة في حال التنفيذ؟
“لا أعتقد أن الصفقة ستتم بهذه البساطة التي يتم تداولها؛ لأن هذه الاتفاقية تعني أن أمريكا في وضع صعب وتقول بكل صراحة: خذوا كل شيء وأخرجوا إيران، وهذا غير واقعي؛ لأن إيران موجودة بسورية بموقف روسي وعداء أمريكي وإسرائيلي ضدها، بالمقابل موجودة في سورية مع قدرة على تدميرها، لذلك لا داعي لأن تسلك أمريكا هذه الطريق السياسية وتقدم للأسد كل شيء.”
ماهي دلالات اتساع القصف دون أي هجوم بري؟ هل يمكننا أن نقول إن روسيا هزمت لا سيما سماعنا أنها تحاول اللجوء إلى الميليشيات الإيرانية في ريف حماة؟
“الدلالة الوحيدة هي الانتقام من المدنيين بسبب فشل القوات الروسية والسورية بالتقدم، ربما لأنهم شبان تابعون لها بعد المصالحة، أو ربما لضعف عسكري، لكن لا تتعدى هذه الضربات إلا أن تكون انتقاماً روسيًّا من المدنيين.”
رجحتم استهداف منطقة سراقب، لماذا يريد النظام هذه المنطقة؟ هل هي أهداف اقتصادية؟ وفي حال سيطرة النظام على طريف حلب – دمشق فهل هذا يعني صحة اتفاقية (إدلب – تل رفعت) التي كشفت عنها الصحافة الغربية؟
“لم أرجح استهداف سراقب، لكن قلت: إن الروس إذا توغلوا في منطقة ما قد تكون سراقب هدفاً، واليوم يوجد مقاومة تحمي المناطق من السقوط بيد الروس والنظام؛ لأن هذه المناطق ستكون انطلاقة للتفاوض السياسي خاصة أن هناك أكثر من 40 % خارج سيطرة النظام.”
أستاذ ميشيل كيف تقرأ العلاقات الروسية التركية، هل هي في حالة صراع أم تعاون؟ تركيا تدعم الفصائل ضد روسيا في حين إنها تقر بالتعاون معها في عدة أمور لا سيما حماية النقاط التركية؟
“العلاقة التركية والروسية معقدة فيها جوانب اتفاق وخلاف، مثلاً كل ماله علاقة بحلف الأطلسي هي علاقة اتفاق إلا إذا تدخلت أمريكا، وهذا مستبعد خاصة بعدما صرح أردوغان منذ حوالي خمسة أشهر حين قال: نحن حلفاء أمريكا وشركاء روسيا ومتعاونون مع إيران. وما يحدث في سورية برأيي أنه لا يؤثر على العلاقات الروسية التركية.”
هل ممكن أن تعود السعودية لدعم المعارضة من جديد مالياً وعسكرياً لمواجهة إيران في سورية بعد التماهي وضعف القرار الأمريكي في مواجهة إيران؟
“طبعاً، وأعتقد أن هناك قرار سعودي لمواجهة إيران في سورية لا سيما بعد زيارة السبهان لدير الزور، وأعتقد أن دور السعودية مهم جداً في هذه الفترة لا سيما مع الميل الأمريكي لحشد قوى كثيرة ضد إيران، كما أن أمريكا ترغب بوجود قوة عربية تكبح جماح قسد عند الاقتراب من الحل السياسي.”
ما رأيكم بالحوار مع قسد بصفتكم معارضة سورية، خصوصاً بعد تسريب معلومات عن دور فرنسي ينحو هذا المسلك؟
“لا بد من الحوار مع قسد، وإذا كان هناك مشروع ديمقراطي فقسد يجب أن تكون جزءًا منه وستحل المشكلات ضمن إطار الدولة الديمقراطية الجديدة، هذا ما يجب الاقتناع به عند البدء بأي مفاوضات، إضافة إلى الاعتراف بحقوق الشعب الكردي.
لذلك نشدد على إيجاد حل ديمقراطي يشمل كل مكونات الشعب السوري لهزيمة النظام.”
هل الروس قادرون فعلاً على إخراج إيران من سورية برأيكم؟
“الروس قادرون على ذلك، لكن هل هم راغبون؟ وهل رغبتهم نكفي مع إمكانياتهم في سورية لإخراج إيران؟
هناك تشابكات مصلحية بين روسيا وإيران حول نمط السياسة الأمريكية ريما كان لها دور بعدم تشجيع روسيا على إخراج إيران، فهي تريد من إيران أن تنضوي تحت لوائها، وأعتقد أن الروس والإيرانيين سيتفاوضون على بقاء إيران دون أي مشاريع توسعية.”
اللجنة الدستورية السورية المزمع تشكيلها تقوم على المحاصصة بين دول التأثير في الملف السوري، هل من الممكن أن نشاهد دستورًا سوريًّا يحفظ نفوذ الدول أو فيدراليًا يحمي مصالحها؟
“الدستور القادم هو دستور لا مركزي، والمفاوضات يجب أن تكون حول ذلك، وهناك عدة أشكال من اللامركزية، وأنا استبعد تشكيها؛ لأن الأسد يضع العراقيل أمام تشكيلها لأنها تعني نهاية حكمه والاعتراف بالطرف المعارض.
أعتقد أن تشكيل اللجنة ليس أمراً سهلاً ومن الممكن أن تؤدي إلى انحراف كلا العملية السياسية في سورية نحو مسارات جديدة.”
في نهاية الحديث الصحفي مع السيد ميشيل كيلو المعارض السوري نشكره على سعة صدره في إبداء رأيه بآخر التطورات التي شهدتها الساحة العسكرية والسياسية في سورية.
1 تعليق
شكري شيخاني
“لا بد من الحوار مع قسد،…نعم وهنا مبتدى القول واخر الكلام…ونرى حلا ” سريعا للمسالة المتأزمة في سورية اذا ما جلس النظام مع قسد وناقشوا الوضع بروح وطنية عالية وبقلوب صافية