ندى اليوسف |
تزامناً مع اشتداد الحرب، والضغوط النفسية التي رافقتها، ارتفع معدل السكتات القلبية لدى الشباب في أعمار مبكرة مع اختلاف مسبباتها، واشتد أكثر خلال موجات النزوح الجماعي التي طالت مناطق القصف الممنهج، إذ خسر الناس أرزاقهم وأعمالهم ولم يتمكنوا من الحصول على مأوى جيد وبالكاد يؤمنون قوت يومهم.
(محمد الخالد) شاب في كلية الهندسة الميكانيكية، تعرض لأزمة قلبية في وقت مبكر من عمره، إذ يقول أثناء لقائنا معه: “تعرضت لأزمة قلبية بينما كنت خارجاً من جامعتي، شعرت حينها بدوار شديد وبدأ عرقي يتصبب حتى أغمي عليَّ، ولحسن حظي كان صديقي بقربي حيث أسعفني إلى المشفى، تلقيت الإسعافات المناسبة، واستطعت تجاوز تلك الأزمة “
ويؤكد (محمد) أن “للوضع العام أثر كبير لتعرضي لأزمة قلبية في وقت مبكر، ولا سيما إذا اجتمع العامل الوراثي معها الذي هو الأساسي، لكن العامل النفسي هو الذي عجل بقدومها، فوجودي في مكان لا يناسبني وفي زمن دمَّر مستقبلي جعلني أعاني من ضغوطات نفسية “
على الشباب أن يتخلصوا من التراكمات النفسية السابقة التي تعرضوا لها في الماضي، وأن ينظروا إلى مشاكلهم على أنها مشاكل تخص مجتمعًا بأكمله، كي يتجنبوا تعرضهم لأزمات قلبية، وذلك للحفاظ على صحتهم الجسدية والنفسية، وكل شيء مقدر ومكتوب.
التقينا (أسامة الخنوس) وهو مسعف في (منظومة شام) ليحدثنا عن حالات مشابهة وكيف تم التعاطي معها، يقول أسامة: “جاءنا بلاغ عاجل عن شاب ملقى على الأرض ويشكو من ألم في صدره، توجهنا إلى المكان على الفور لنجد شابًا في الثلاثين من عمره، ملقى على الأرض وقد غاب عن الوعي تماماً، نقلناه إلى المشفى، وقدمنا له الإسعافات المناسبة. بعد ذلك تبين لنا أنه يعاني من أزمة قلبية، فتم إعطاؤه الأدوية اللازمة من (أسبرين ومورفين) وتم وضع المريض على جهاز الأوكسجين ومن ثم تم نقله إلى مشفى إدلب المركزي، حيث تم وضعه ضمن العناية المركزة “.
ويضيف الخنوس: ” تحسن وضع الشاب الحمد لله واستطعنا إنقاذه في اللحظات الأخيرة وقد تبين لنا بأنه كان يعاني من مشاكل عائلية بسبب النزوح والفقر وذلك الأمر سبب له الأزمة القلبية (الجلطة)”
إذاً ليس العامل الوراثي أو النفسي هو المسبب الوحيد للأزمة القلبية، بل هناك أسباب عديدة أخرى يوضحها الطبيب (عبيدة العموري) في لقاء خاص، حيث بدأ بتعريف الأزمة القلبية وإعطاء لمحة عامة عنها بقوله: “الأزمة القلبية يطلق عليها أيضاً نقص التروية القلبية أو داء الشرايين الإكليلية أو الذبحة الصدرية”.
ثم أضاف موضحاَ سبب الأزمة: “وهذا المرض كما معروف منتشر لدى كبار السن، ولكن في الفترة الأخيرة انتشر بين أعمار صغيرة، وللعامل الوراثي دور كبير ولكن عادة التدخين السيئة خصوصاً النرجيلة المنتشرة بين الجنسين ساهم على انتشاره في أعمار صغيرة “.
وعن دور القصف الهمجي وآثاره السلبية على النفوس يفيد العموري: “إن الخوف والرعب الذي تسبب بهما القصف سببان لا يقلان أهمية عن المسببات الرئيسة للجلطات، إذ سُجلت حالات وفاة بسكتة قلبية إثر الذعر والصدمة من هول المشهد”. بالرغم من أن حالات النجاة هي المتقدمة إلا أن حالات الوفاة موجودة أيضاً، حيث أشار العموري إلى ذلك بقوله: “وهناك بعض حالات الوفاة بين الشباب الذين تعرضوا لأزمة قلبية وذلك لأن الأزمة أتتهم بشكل مفاجئ تحت تأثير الضغط النفسي ولاسيما عندما يكون العامل الوراثي موجوداَ وله دوره المساعد أيضاً، وهناك حالات أخرى لم يحالفها الحظ إذ لم يبدِ الجسد أي استجابة للعلاج فلاقت حتفها.”