جاد الغيث
بعد أكثر من أربعين عاماً من الظلم والقهر عاشها السوريون في ظلِّ حكم آل الأسد، انتفض الشعب السوري ليقاوم الظلم والطغيان بكل أشكاله وآلامه ليقول بصوت عالٍ: كفى.
كفى للفساد والمحسوبيات وسرقة خيرات البلاد، كفى للجهل والفقر، كفى للقمع والاستبداد، وكفى وكفى وكفى …
كتب فتيان من درعا كلمة حرية على جدار قديم، فاشتعلت الثورة السورية، وبدأ عهد جديد للحرية.
خرج الشعب السوري عن صمته في مظاهرات سلمية هتفت فيها الحناجر مطالبة بالكرامة والحرية، فكان جزاء ذلك كابوس مرعب من الإجرام والقتل والدمار والتهجير والاعتقال.
مظاهرات سلمية ما زال يدفع ثمنها الشعب السوري حتى الآن بعد مرور أكثر من ست سنوات من عمر الثورة السورية.
قبل أيام خرج آلاف الأمريكيين الذين ألهبوا صالات المطار في العاصمة الأمريكية (واشنطن) بأجمل أشكال التظاهر والحراك المدني الراقي ضد قرار الرئيس الأمريكي الجديد (دونالد ترامب) العنصري ضد المسلمين.
آلاف الأمريكيين كانوا يحملون لافتات مكتوب عليها عبارات الترحيب بالمسلمين باللغتين الإنكليزية والعربية، كلمات حصلوا على ترجمتها من محرك البحث (غوغل) فجاءت العبارات ركيكة ولكنَّها مفعمة بالمشاعر والأحاسيس الطيبة.
كما وقف مجموعة من المحامين الشبان المتطوعين، ووضعوا أيديهم على صدورهم وأقسموا: (نقسم أن نحمي دستور الولايات المتحدة الأمريكية، نقسم أن نقف مع كل شخص يتعرض للاضطهاد).
وهنا تعود بنا الذاكرة إلى عام 2000 حين أقسم بشار الأسد بأن يحافظ على دستور البلاد، وأن يرعى مصالح العباد، لكنَّه فعل العكس تماماً؛ فدمر البلد، وقتل الشعب وأحرق الأخضر واليابس.
ما يثير الدهشة في مطار واشنطن سيدة تجاوزت السبعين، شقراء محنية الظهر، تحمل لافتة وقد كتب عليها: “Resist قاوم “، نعم أيتها العجوز الأمريكية الشقراء ما يزال الشعب السوري يقاوم وسيقاوم حتى آخر لحظة في حياته، ربما لم تسمعي بسوريا، وربما تصلي من أجل السوريين كل يوم!
نعم نحن هنا نقاوم، نقاوم اليوم إخواننا الذين كانوا معنا في صف واحد وخندق واحد، وكنَّا نقاتل عدواً واحداً، لكنَّهم بغوا علينا.
ما نزلنا نقاوم كلَّ قوى الظلم والظلّام التي اجتمعت ضد بلدنا وشعبنا.
آلاف المعتقلين والمعتقلات، وملايين المشردين والنازحين، وآلاف الجرحى، وما يقارب مليون شهيد، ناهيك عن الخراب والدمار الذي لا يخلو منه شبر في أرض سوريا، وما نزلنا نقاوم … ونقاوم … ونقاوم.