على مدار السنوات الماضية، وفي ظل همجية قصف طائرات النظام وروسيا للمنطقة، تعرضت الكثير من المنشآت الطبية للضرر والخروج عن الخدمة إثر استهدافها عمداً، ومازالت عُرضة للخطر، حيث انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة اختطاف وابتزاز الأطباء والكوادر الطبية، الأمر الذي أثرّ سلباً على مقومات الخدمات الصحية والطبية لجعلها عُرضة للنزاعات المتطرفة، وعدم استباب الأمن في المنطقة.
حيث أقامت وزارة الصحة في الحكومة السورية المؤقتة في 18 حزيران 2018، ندوة حوارية في مدينة معرة النعمان بريف إدلب حول ظاهرة الاختطاف والابتزاز للأطباء والكوادر الطبية خاصة والفعاليات المدنية عامة، حيث حضر الندوة ممثلون عن مديريات صحة حلب وإدلب والساحل بالإضافة إلى ممثلين عن نقابة الأطباء والصيادلة ونقابة العاملين الصحيين وممثلين عن كافة الفعاليات المعنية والمدنية إضافة إلى المنظمات الإنسانية.
وفي لقاء خاص أجرته صحيفة حبر مع نقيب الأطباء الدكتور عبد الحميد دبّاك، تحدث فيه عن محاور الندوة وأسبابها وإلى ما آلت إليه في نهايتها، حيث أشار الدكتور دبّاك إلى سوء الوضع الأمني وحالة الفوضى وانعدام الأمان الذي تشهده المنطقة الشمالية في الداخل السوري وخصوصاً في مدينة إدلب وريفها.
وتابع: “نظراً للانتهاكات المتكررة والمتزايدة بحق الكوادر الطبية وحالة الفوضى، فإننا نحمّل الجهات الأمنية الموجودة في كل منطقة المسؤولية الكاملة عن انعدام الأمن والأمان سواء للمدنيين أو الأطباء وكافة فئات المجتمع.”
مشيرًا إلى أنّ النقابات والجهات المعنية سبق لها أن ناشدت وطالبت الجهات الأمنية بحماية منشآتها وكوادرها، إلّا أنها لم تلحظ أي استجابة، مؤكدًا أنهم أقرّوا خلال الندوة باتخاذ قرار بتعليق العمل سواء الحالات الباردة أو المرضية، مقتصرين فقط على العمل الإسعافي، إضافة إلى بعض المطالب التي تم الإعلان عنها في بيان رسمي صدر عن المؤسسات الطبية.
موجهاً رسالة إلى الأهالي في المنطقة، مطالباً فيها وقوفهم إلى جانبهم لتحقيق مطالبهم التي تؤمن السلامة لجميع الأهالي على اختلاف فئاتهم، مردفاً: “لم ندخر جهداً في سبيل خدمتكم للتخفيف من آلامكم ومعاناتكم، ونستميحكم عذراً لهذا القرار الذي صدر لتفاقم خطورة الوضع الأمني الذي أثر سلباً على قدراتنا وأداء مهامنا بالشكل اللازم، فنحن نحتاج إلى الاستقرار والقدرة على التنقل الآمن.”
وعقبَ الندوة قامت المؤسسات الطبية بإصدار بيان مشترك وقعت عليه كل من نقابة الأطباء والصيادلة وإدارات المشافي والمستوصفات في مدينة إدلب، تحث فيه على حماية الكوادر الطبية والمشافي من التهجم والاعتداءات المتكررة على منشآتها وأطبائها، معبرة عن سخطها حيال موقف الجهات الأمنية المسؤولة، لعدم اتخاذها التدابير اللازمة لوقف الاعتداءات المتكررة وظواهر الانفلات الأمني.
حيث تضمن البيان توقيف العمل الإسعافي والحالات الباردة في مشافي إدلب لمدة ثلاثة أيام ابتداءً من 23/06/2018 لغاية 25/06/2018 والمدة قابلة للتجديد، بحال لم تتحمل الجهات الأمنية مسؤولياتها بوقف الانتهاكات والاعتداءات المتزايدة بحق الكوادر الطبية.
كما وطالب البيان بالإفراج الفوري عن كامل الكوادر الطبية المعتقلة، وكشف اللثام عن وجوه العناصر الأمنية في حواجز المدينة، وإلزامهم بلباس موحد وبطاقات تعريفية وعدم توقيف أي شخص من الكوادر الطبية إلّا بكتاب رسمي عن طريق النقابة المختصة، إضافة إلى مطالبتها بحق حماية الكوادر أنفسهم بالدفاع وحمل السلاح، وأكدت المؤسسات الطبية بخطوات تصعيدية قد تؤدي لإيقاف خدماتها في كامل الشمال السوري في حال عدم الاستجابة لهذه المطالب.