عبد الحميد حاج محمد |
البردقلي تجمع يضم أكثر من 20 مخيمًا بين بلدتي الدانا وسرمدا بريف إدلب الشمالي، وتضم هذه المخيمات الآلاف من المهجرين الذين هُجروا إمَّا قسرا بعملية التغيير الديموغرافي التي أجرتها قوات النظام والقوات المساندة لها، أو بسبب القصف على المناطق المحررة.
تُعاني هذه المخيمات من سوء الخدمات بشكل كبير وتفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، ولعل أبرزها من حيث الأهمية التعليم، إذ لا يوجد أي مدرسة أو نقطة تعليمية في التجمع الذي يضم 21 مخيمًا.
صحيفة حبر التقت بمدير أحد المخيمات السيد “محمد الدواس” الذي حدثنا عن التعليم بقوله: “نسبة التعليم 0% بسبب الظروف التي يمر بها المهاجرون، وبُعد المدارس عن المخيمات، والظروف المادية الصعبة، لذلك انقطع الطلاب خمس سنوات عن التعليم وبعض الأطفال لم يدخل المدرسة أبدًا.”
ظروف صعبه يعاني منها سكان المخيمات وقد أنهكهم الفقر والعوز، ومشكلة انقطاع الأطفال عن التعليم أكبر مشاكلهم، ولا يوجد أي جهة سعت في إيجاد حل لتلك المشكلة التي تورث جيلاً أُميًّا جاهلاً.
يقول الدواس: “إن الطفل ابن تسع سنوات أو أكثر لا يعرف الحرف الأبجدي، ولا يستطيع أهل هؤلاء الأطفال أن يرسلوهم إلى المدارس بسبب الظروف الصعبة، وأصبح بإمكاننا أن نقول: إن الجيل أصبح جاهلاً في هذه المنطقة.”
لم تكفِ هذه المشكلة سكان المخيمات، بل الفقر وسوء المعيشة دفعهم إلى تشغيل الأطفال القصر في بيع البسكويت في الشوارع، ووضع بعض الأهالي أبنائهم للعمل في بعض المحال، ما تسبب في إبراز الإهمال عند الطفل وعدم الاكتراث إلى الموضوع فائق الأهمية وهو التعليم، ولعل هكذا مشاكل تقع على عاتق الجهات الرسمية من مؤسسات حكومية ومنظمات إنسانية عاملة في الشمال السوري.
يقوم الآن متطوعون مستقلون ببناء مدرسة في تجمع المخيمات تحمل اسم شهيد الخبز، الناشط الإعلامي (عمر الدمشقي) الذي استشهد بعد تفجير عبوه ناسفة بسيارته قبل فترة في مدينة سرمدا وهو ذاهب لإيصال الخبز لأهل المخيمات.
التقينا الناشط الإعلامي (كرم الخطيب) وهو أحد القائمين على مشروع بناء المدرسة، يقول عن بنائها: “بعد تفجير العبوة بعمر ونقله إلى تركيا، قام بعض من أهل الخير بالتبرع بمبلغ مالي لعلاج عمر، ولكن قدر الله له الشهادة، فكان مشروع بناء المدرسة في ذهننا، وهو مشروع قديم والآن شارفنا على الانتهاء من بناء المدرسة وستخدم ما يقارب 500 طالب من أطفال المخيمات.”
وبحسب قول الخطيب فإن المدرسة غير كافية لاستيعاب كافة تجمع البردقلي، بسبب كثرة الأطفال ولكن بحسب قول (محمد الدواس) فإن المدرسة ستخدم عدة مخيمات من بينها: “وادي العزيب، مخيم الخير، مخيم الأحمد، مخيم الفقراء، ومخيم حوران” سيبقى هناك عدة مخيمات دون مدارس كون التجمع يحتاج مدرسة أخرى أو اثنتين حتى يتم تغطيته بشكل كامل واستيعاب كافة الأطفال الموجودين في المخيمات.
ويذكر الخطيب أن ” 90% من الأطفال بلا تعليم، ويوجد أطفال أعمارهم 15 عامًا لا يعرفون الأحرف الأبجدية ولا قراءتها، فهذا الدافع الأكبر الذي كان سببًا في تفكيرنا في إقامة هكذا مشروع، وأطفال المخيمات كانت أقصى أحلامهم مدرسة يتعلمون بها، والآن يرافقوننا في كافة الأعمال في المدرسة وفرحين بهذا المشروع.”
لا توجد إحصائية لعدد الاطفال المتخلفين عن التعليم في المخيمات بسبب كثرة عدد الاطفال وغياب الجهات المعنية بالتعليم في المخيمات ونسيانهم من أدنى الخدمات التي هي حق للجميع وأوجب الواجبات.
يحاول الآن القائمون على بناء المدرسة ترغيب الأطفال بالمدرسة كونهم لم يتلقوا تعليمًا ولم يعتادوا على دوام المدارس من قبل، ولاقت المدرسة استحسانًا من أهالي المخيمات وعبروا عن رغبتهم في أن يتم بناء أكثر من مدرسة لاستيعاب كافة أطفال التجمع الذي يضم 21 مخيمًا.