غسان الجمعة |
في ضوء لهثانِ نظام الأسد خلال السنتين الأخيرتين في السعي للسيطرة على معابر سوريا التسعة عشر، والتي كان يسيطر على واحد منها فقط (جديدة يبوس مع لبنان)، تطفو إلى العلن مفاوضاتٌ تجريها الأردن وروسيا ونظام الأسد لإعادة معبر نصيب الحدودي لسيطرة الأسد
هذا المعبرُ الذي قدّر مراقبون مدخوله اليومي بعشرين مليون دولار(تجارة وترانزيت)، فهو لا يمثّل لنظام الأسد المتهالك اقتصادياً مصدر دخلٍ فقط إنما هو بوابةٌ لإعادة نوعٍ من العلاقات الناعمة والبراغماتية مع الدول العربية (مصر والخليج والأردن) التي أرسلت للأسد إشاراتِ توددٍ توحي بإمكانية استئناف العلاقاتِ بالحد الأدنى، وليست تصريحاتُ الجبير حول بقاء الأسد ببعيدة، كما أنَّ الدور الذي يلعبه الأردن في مباحثات المعارضة هو دورٌ أقرب لدعم شروط الأسد منه لدعم فصائل المعارضة المحسوب عليها كطرفٍ داعم و ممثل، بل بات يرتقي بهذا الدور لمستوى الغزل السياسي بعد حادثة تسليم الطيّار الذي أُسقط في البادية للنظام دون مقابل يُذكر.
وبما أنَّ السياسة تدور حيث دارتِ المصالحُ فالأنظمةُ العربية باتت تنظر للنظام السوري بعين الحذر والإعجاب بعد أن أنزل الدب الروسي في كرمه كما يقول المثل، ومن مصلحتها أن تخطب الود الروسي الذي أمسك بعصى الشرطي في المنطقة بعد سحب اليد الأمريكية منها من خلال إعادة مدِّ جسور الاقتصاد والسياسة مع نظام الأسد.
كما أنّ هذه الأنظمة تسعى من بوابة نصيب للعودة لحضن الأسد وذلك لمراقبة المد الإيراني فتجربة المقاطعة بالنسبة إليها لم تجدِ نفعاً مع العراق بل تغلغلت وتفرّدت طهران في مفاصل الدولة العراقية حتى باتت بغدادُ إيرانية خالصة وهو ما تريد تجنبه في دمشق مستقبلاً في ظلِّ متغيراتٍ سياسية آتية لا محالة في هيكلية الدولة السورية.
لذلك أطلقتِ الأردن ومن خلفها ما يُعرف بدول (الحصار) مباحثاتِ إعادة فتح معبر نصيب بحجة الخسائر الاقتصادية التي أصابتِ الأردن من إغلاق المعبر، أمَّا نظام الأسد فمن مصلحته إعادة بناء علاقاتٍ تجارية واقتصادية مع هذه الدول لترميم اقتصاده المتداعي، ولفتح قناة اتصال ستُفضي بالنهاية لإنعاش الدبلوماسية السياسية المحتضرة، كما أنَّ هذه الدول تلعب دوراً مهماً في دعم فصائل المعارضة وخصوصاً في الجنوب السوري مما سيمكن الأسد من الضغط بشكلٍ مباشر للتأثير والمساومة لتحقيق مكاسبَ سياسية و عسكرية في ظل بروغباندا روسية تطالب بقطع الدعم عن ما تسميهم ( بالإرهابيين ) في معركتها مع الشعب السوري
فهل تعي فصائلُ المعارضة الداخلة فيما بينها بدوامة الرفض والقبول خطورةَ هذه الخطوة المصيرية التي لا يمكن أن تقاس بمعايير النفع و الانتعاش للمناطق المحررة بل تتعداها لأبعادٍ سياسية مصيرية قد تفقدها أهم أوراق الضغط على مستوى الساحة السورية و الإقليمية.