بقلم رئيس التحريركثيرًا ما نوجه إلى أنفسنا مجموعة من الأسئلة التي تحتاج إلى تفكر عميق وتأملات طويلة للتوصل إلى الإجابة عنها، ومن ذلك استفسارنا عن الدافع الذي يجعلنا نقرأ ونتعلم ونبحث ونسكب أمام هذه الأعمال أعمارنا، وربما نخوض مغامرات صعبة ونسلك طرقًا وعرة في سبيل ذلك، فلماذا لا نريح أنفسنا من هذه الرحلة الشتوية الباردة أو الصيفية الحارقة ونسد الأبواب المشرفة على الرياح والعواصف؟ببساطة لأن الإنسان العاقل يكره أن يغلق الأبواب على نفسه وتفكيره، فقد خلقه الله عز وجلَّ شخصية باحثة في فطرتها، لا يمكن أن تهدأ أو تستقر حتى تتيقن أنها على المنهج السليم والطرق القويم، ولذلك فإننا على موعد مستمر مع العمل والبحث والتحقيق والاستفسار طيلة أيام حياتنا، نفتش عن جوهر الأسرار التي تعصف أذهاننا وتحفزها، حتى إذا ما علمنا حقيقتها ارتاحت النفس واطمأن القلب وأحسسنا بلذة الاكتشاف والأمان في حضور الحقيقة.وليس هناك تعب كالتعب النفسي الذي يشعر به من زلت قدمه عن طريق الحق أو من أخطأ في استخدام أدوات البحث فسلك الطريق المعاكس، ذلك أنه ابتعد عن الفطرة التي تغذي نفس الإنسان بالسكينة والهدوء.إن في أنفسنا قوة خفية تدفعنا إلى الحق دفعًا قويًا، وتجعلنا ندافع عنه بكل ما أوتينا من قوة، ولكن الران الذي اجتاح قلوب الكثيرين جعلهم يشعرون بانخفاض مستوى هذه القوة، أو غيابها مما جعلهم يبتعدون عن هذه الخصيصى الإنسانية والفطرة الربانية.وليست عملية البحث رحلة صيفية غاية في ذاتها، يتخللها اللهو و (تغيير الجو)، وتسعى إلى جمع مادة ثقافية تمكن صاحبها من اعتلاء المنابر والتصدر على شاشات الإعلام والتباهي بعدد الكتب المقروءة، وإنما هي عملية تعبدية محفوفة بالمكاره والأشواك، لا تعرف البهارج والزخارف، هدفها الفوز في الدنيا والآخرة، والتعريف بالطريق الحق والدعوة إليه والدفاع عنه، وشعارها ” الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا”.فتعالوا أيها القراء نسلك هذه الطريق..