محمد ضياء الأرمنازي |
لم أصدق إلى الآن أنّ ابن عمي وأولاده الاثنين قد قُتلوا بهذه الطريقة البشعة! وأخوهم الثالث الذي نُقل إلى المشفى بين الحياة والموت الآن، بعد تمكنه من الهروب من تلك العصابة؟
هكذا تكلم أحد أقرباء الضحايا من عائلة قوصرة الذين قتلوا بالأمس في منطقة الجامعة في مدينة إدلب، بعد أن تعرّضوا لعملية سطوٍ مسلح من قبل حاجزٍ طيار وهمي، قام الحاجز بإنزال الأب أيمن قوصرة الذي يعمل في تجارة المصوغات الذهبية وأبنائه الثلاثة من سيارتهم في منطقة الجامعة، بحجة التحقيق معهم واتهامهم (بالدعوشة) حاول الأب وأبناؤه الهرب بعدما تبيّن لهم أنّ الحاجز عبارةٌ عن قطاع طريق فقام الحاجز بإطلاق النار عليهم من مسافة قريبة في نحورهم بمسدسات كاتمة للصوت، تمكن أحد الأبناء من الهرب بعد إصابته بجروح، وسرق المجرمون 5 كغ من الذهب ومبلغ 10000 دولارٍ كان بحوزة العائلة, ثم أخذوا السيارة وهربوا تاركين الأب وأبناءه يغرقون بدمائهم.
خرجت مدينة إدلب غاضبةً يوم الثلاثاء بعد إغلاق معظم محلاتها الجارية للتعبير عن تضامنها مع أسر الضحايا من عائلة قوصرة، واستنكاراً للوضع المتردّي الذي آلت إليه مدينة إدلب، بعد تكرار حوادث القتل والخطف والسرقة.
وقد خرج في هذه المظاهرة معظم الفعاليات العاملة في مدينة إدلب ومجلس مدينتها، وكان من بين الحاضرين رئيس المدينة إسماعيل عنداني وقال: ندعو السلطة القائمة في مدينة إدلب إلى تحمل مسؤولياتها عن ضبط الأمن والحفاظ على حياة الأفراد والممتلكات الخاصة والعامة، وضبط الأمن، لأن الوضع أصبح مزرياً ولا يُطاق.
إن سبب هذا الفلتان الأمني هو عدم تولي أناس مسؤولين لمهامهم عن ضبط الأمن، وعدم وجود قضاء فاعل ونزيه، وعدم وجود قوات شرطة فاعلة، إضافة إلى انتشار السلاح بشكل ٍ رهيب، و كثرة السيارات المجهولة التي لا تحمل أي لوحةٍ أو رقم، إضافة إلى ظاهرة وضع اللثام على الوجه للتخفي وعدم معرفة الشخصيات التي تتجول في الشوارع!
يجب علينا جميعاً التصدي لهذه الظواهر الخطرة والعمل بشكل فاعل وجذري للتخلص منها، ويجب على السلطة القائمة في مدينة إدلب (القوة التنفيذية) و(القوة الأمنية) و(الإدارة المركزية) ضبط الأمن ومحاسبة المسؤولين والضرب بيدٍ من حديد على أيدي المجرمين الذين يفرج عنهم بعد فترة قصيرة لارتباطهم بجهات ومجموعات معينة.
إذا لم تتداعَ جميع القوى الفاعلة في المناطق المحررة إلى ضبط الأمن فنحن أمام موجةٍ غير مسبوقة من الإجرام”.
يقول أحد أقارب الضحايا: “هذه الحادثة تدل على أنه لا يوجد أمن وأمان في هذا البلد، ولأنّ السلاح منتشرٌ بين أيدي الكبير والصغير ولا يوجد حراسة ولا شرطة عندنا، وهناك الكثير من الملثمين الذين لا نعرفهم يتجولون في كل مكان وأحياناً يدّعون أنهم من الأمنية ثم يقومون بسرقتك أو قتلك والآن تتكرر حوادث القتل والسرقة والسطو المسلح، أعتقد أنّ الحل يكون بضبط السلاح الموجود وحصره بيد الشرطة داخل البلد وفي الجبهات فقط”.
يضيف عبد الرزاق الذي خرج في الجنازة غاضباً من هذا الوضع الأمني السيئ:
كل فترةٍ نسمع عن حالة قتل أو اغتيال أو خطف وهذا لا يبشر بخير، الناس أصبحت خائفة بسبب استهتار السلطة أو الجهاز الأمني المليء بالمحسوبية، والمشكلة الأكبر هي أنّ أي مجرم يستطيع الهروب بجريمته إلى تركيا عن طريق المهربين، وغالباً ما تقوم الحواجز بالتدقيق على أسماء المطلوبين أو المشتبه بهم!
مدينة إدلب محاطة بكورنيش حولها وهذا يسهّل من العمل الأمني لمن يريد ضبط الأمن وملاحقة المفسدين والمجرمين في المدينة إن أراد”.
ويبقى الوضع كما هو عليه ويبقى الملثمون مختبئون خلف لثامهم في شوارع إدلب ينشرون الخوف والذعر بين الناس.