عدَّ معهد أمريكي متخصص في العلاقات الأمريكية للشرق الأوسط أن التحركات الروسية والإيرانية في مناطق نفوذ حكومة النظام ربما تنذر بحرب بين الطرفين.
وبحسب دراسة (معهد واشنطن)، فالتحركات الأخيرة لكلا الطرفين تؤكد سعيهما لتمديد مناطق نفوذهما في سورية بشكل تنافسي بعيدًا عن مواجهة العدو المشترك لهما (الولايات المتحدة).
ففي الجزء الشمالي من محافظة (دير الزور) أنشأت روسيا فرعًا للفيلق الخامس بالتوازي مع إنشاء مقر للفرقة الرابعة المقربة من موسكو.
بينما تنتشر المليشيات الموالية لإيران في الجزء الجنوبي للمحافظة في كل من الميادين والبوكمال، حيث بدأت إيران سباقًا لبسط سيطرتها على المدينتين، عبر جذب الشباب المحليين للانضمام لفرقها بإغرائهم بحوافز مادية ومساعدات إنسانية.
وتتمحور خطة إيران، بحسب الدراسة، بدعم مالي لوجهاء المجتمع والعشائر مثل (البقارة) وميليشيات (قوات مقاتلي العشائر)، التي تلعب دورًا مهمًا في تسهيل تحركات وكلاء إيران.
مخطط اقتصادي:
من جانب آخر تسعى إيران من خلال توسيع نفوذها في المنطقة المتاخمة للحدود العراقية، لتمويل عملياتها في سورية بتأمين خط اقتصادي نشط لتهريب الأسلحة والمخدرات والتبغ من إيران للعراق فسورية ولبنان.
كسب تأييد عشائر شرق الفرات:
تسعى إيران لكسب قلوب أبناء المنطقة الشرقية الواقعة في مناطق نفوذ قوات سورية الديموقراطية، ويرى المعهد أن هذه الجهود تسارعت بعد عملية اغتيال وجهاء العشائر مثل (مطشر الهفل) زعيم العقيدات مطلع شهر آب الذي أثار مظاهرات شعبية ضد تنظيم (قسد) .
المصالح الروسية:
مع انهيار تنظيم الدولة وحدوث فراغ في مناطق سيطرته، سارعت موسكو لدخولها خاصة النقاط الإستراتيجية (مطار دير الزور العسكري) لربطه مع باقي القواعد الجوية (حميميم-القامشلي-أبو الظهور).
ومع ذلك لم ترفض الوجود الإيراني بجانبها لحاجتها لعدد مقاتليه لانتهاجها سياسة طويلة الأمد تضمن بسط كامل نفوذها على سورية.
بل استمرت بتقديم إيران كطرف مساعد في إعادة البلاد لقبضة نظام الأسد، حتى غيرت من نهجها فجأة بتسيير دورية روسية في مدينة (الميادين) أبرز معاقل إيران، في رسالة واضحة لقوات الأخيرة أن موسكو تسعى للسيطرة على موارد النفط مثل حقلي (الورد والتيم).
وهذا ما حدث قبل يومين عندما انتشرت الشرطة العسكرية الروسية وقوات (فاغنر الخاصة) بمحيط حقل (التيم) النفطي رغم ضعف إنتاجه.
ويضاف إلى ذلك احتواء نفوذ مليشيات إيران المتنامي في جنوب (البوكمال) مكان انتشار كل من (لواء فاطميون، وكتائب حزب الله).
ويمكننا القول إن تصاعد النفوذ الروسي على حساب الإيراني قد يتطور لحرب طاحنة بين الحلفيين سيخسرها وكلاء إيران، خاصة مع تنسيق الطيران الإسرائيلي مع سلاح الجو الروسي؛ لضمان ضرب مقرات إيران دون اعتراض موسكو.
دور العقوبات الأمريكية:
ويشير التقرير إلى أن قانون (قيصر) الذي أقرته واشنطن على نظام الأسد أضعف من الدعم الاقتصادي الإيراني للمقاتلين السوريين المنضمين إلى مليشياتها، فبدأت موسكو بتقديم دعم مالي أكبر لكل من ينضم للفيلق الخامس المنشأ حديثًا في دير الزور.
وحذر التقرير واشنطن من إهمال هذا النزاع الحاصل بين الطرفين، منوهًا لدعم قوات (قسد) والحلفاء القبليين لمنع تسلسلل النفوذ الإيراني شرق الفرات.
وأكد أن أي انسحاب أمريكي من المنطقة سيسمح لروسيا وإيران بتوسيع نفوذهما في الشرق الأوسط وعودة تنامي قدرة تنظيم (داعش) الذي سيعيد تجنيد كوادر رافضة لوجود الأطراف الجديدة في المنطقة.