صعّدت روسيا وعصابات الأسد في الآونة الأخيرة ضرباتِها الجوية على المناطق المحررة في إدلب، وحلب، وحماة، ما أدى إلى سقوط مئاتٍ من الضحايا وتدمير المشافي والمراكز الطبية والبنى التحتية، ولم تحيِّد هذه الغربان الغادرة (الطائرات الحربية) المدارس، بل كانت هدفها المفضل لأنّها تقتل من خلالها جيل المستقبل، وتطفِئ نور العلم والمعرفة في وقتٍ واحد، ولهذا يجب علينا الحفاظ على حياة الطلاب في على المدارس والجامعات لأنّها أثمن شيء نملكه، فهم أمانةٌ في أعناقنا.
لكن كيف نحمي الطلاب ونحافظ على حياتهم قدر المستطاع إن تعرضتِ المدرسة للقصف المباشر أو غير المباشر؟
قامت (صحيفة حبر الأسبوعية) بزيارة بعض المدارس في مدينة إدلب للوقوف على حقيقة الإجراءات العملية التي تتخذها إدارات المدارسة لحماية الطلاب من القصف داخل المدرسة، ومدى حجم ثقافة الحفاظ على حياة الطلاب الموجودة عند المدرسين.
تقول مديرة مدرسة خالد شعار الابتدائية جميلة الزير: “نوصي الطلاب بالابتعاد عن النوافذ الزجاجية، والالتجاء إلى الجدران، ونحاول إبعاد الخوف عنهم، وإذا كان القصف قريباً نقوم بإنزال الطلاب إلى القبو في المدرسة بأمر من الإدارة مع مراعاة خروج الأطفال الصغار أولاً وعدم التدافع، وهذا الموضوع نعمّمه على جميع المدرِّسات للتعامل مع الطلاب في مثل هذه الظروف”.
ويقول محمد سحارة مدير مدرسة يوسف طه غريب الإعدادية: “لا يوجد في هذه المدرسة أي قبو، وقد خاطبنا مديرية التربية بخصوص هذا الأمر، ولا يوجد لدينا أي إجراء لحماية الطلاب سوى إنزالهم والوقوف في الممر، لم نقم بدورات حماية أو توعية، ولم نبدأ بأي إجراء توعية لحماية الطلاب، ونقوم حالياً توزيع الكتب وتطبيق البرنامج، وموضوع الحماية يحتاج إلى فرقٍ متخصصة في موضوع التوعية.
وفي الحقيقة بسبب تكرار القصف وتحليق الطيران وصلنا إلى مرحلة أنّ المدرس والطالب غير مستعدٍ لإيقاف الدرس أثناء تحليق الطيران إلا في حالة بدء القصف القريب.
لدينا خراب جزئي في الأبواب والنوافذ في الطوابق العلوية، وعندما يدخل فصل الشتاء سيكون الأمر غير مقبول، وهناك وعود من مديرية التربية في حال وصول أي دعم من أي منظمة سوف نكون ضمن الخطة”.
زرنا ثانوية العروبة للبنات والتقينا مع مديرتها صفاء غريب وقالت: لا يوجد لدينا مكانٌ آمن من قصف الطيران سوى إنزال الطلاب إلى الطابق السفلي، والتزام الهدوء من أجل سماع صوت الطائرة إن كانت في الأجواء أم ذهبت، ولا يوجد عند المدرسين ثقافة الحماية للطلاب.
وكان لا بد من زيارة مديرية التربية والتعليم الحرة لوضعها في الصورة الحقيقة عن جاهزية هذه المدارس عملياً وثقافياً والتقينا مع مدير التربية ياسين علي ياسين ليجيبنا عن بعض الأسئلة المتعلقة بالموضوع:
في ظل هشاشة الهدن واحتمال عودة الطيران الروسي لقصف المدارس ما هي الإجراءات التي تتخذها مديرية التربية والتعليم الحرة لحماية حياة الطلاب في المدارس والجامعات؟
عندما يكون هناك اشتداد للقصف على منطقة معينة وبحسب تقديرنا وتواصلنا مع الجهات المعنية نقوم بإيقاف الدوام في المدارس وفق تفويض من الوزارة، وهذا من صلاحيات مدير التربية كإجراء إداري.
بالنسبة لموضوع الهدن لا توجد أي جهة تأخذ رأينا فيه أو في عودة الطيران، نحن كمديرية التربية لم نستشر في يوم من الأيام، ولم يدخل ملف المدارس على ملف المفاوضات، وقد وجهت رسالةً إلى هيئة المفاوضات من أجل هذا الأمر، ومن أجل وضع حماية المدارس ضمن قائمة مطالب المفاوضات، لأن المدارس لها وضع خاص وهناك تركيز إعلامي فقط على المشافي، لكن أنا أرى انه يجب التركيز على المدارس لأن عدد الطلاب الموجودين بالمدرسة يفوق عدد الموجودين في المشافي مئات المرات.
يقول أجد المعلمين يجب أن يكون لدينا فرق مختصة تقوم بزيارة المدارس لإعطاء المعلمين محاضرات عن حماية الطلاب في المدارس وتعليم الطلاب الحفاظ على النفس؟
قمنا بإجراء استبيان عن ثقافة الحماية في خمسين مدرسة وكانت النتيجة أن هناك ثقافة ضعيفة جداً لدى المدرسين ومديري المدارس بكيفية التعامل مع هذا النوع من الإجراءات في ظل بلادٍ تعيش مرحلة الحرب.
التربية لا تستطيع القيام بكل هذا العبء وهذا يحتاج إلى فرقٍ متخصصة وقد قمنا بالتعاون مع الجهة الداعمة وأعلنا عن مسابقة في 51 مدرسة لضم 51 مرشداً نفسياً أو اجتماعياً تحت مسمى حماية الطفل وسيخضعون إلى تدريبات تأهلهم إلى نقل خبرات إلى المدرسين وإلى الأطفال للتعامل مع الأزمات بمختلف أنواعها سواء القصف أو الحالات النفسية التي تنتج عن القصف وكل ما يتولد عن آثار الحرب، وإذا نجحت التجربة لمدة ثلاثة أشهر فنحن موعودون من الجهة المانحة بتأمين مرشدٍ نفسي أو اجتماعي يعطي ثقافة حماية الطفل في وقت الأزمات للأطفال والمدرسين والإداريين في كل مدرسة.
هناك بعض المدرسين لا يوقفون الدرس أثناء تحليق الطيران في أجواء المدينة بالرغم من طلب الطلاب بأن يؤجل الدرس حتى ذهاب الطائرة؟
هذا التصرف خاطئ 100 % وقد قلت إن لدينا تفويضاً من الوزارة بإيقاف الدوام وأعطينا تفويض لمشرفي المجمعات ومشرفي المجمعات لديهم تفويض إلى مديري المدارس وبمجرد الشعور بأدنى خطر يهدد سلامة الطلاب لديهم الصلاحيات بصرف الطلاب حتى لو كانت نسبة الضرر لا تتجاوز نسبة %20 لذلك نحن لن نسمح أن تُهدَّد سلامة الطالب تحت أي مسمى أو إجراء.
يقول بعض الطلاب إن عدم وجود مكان آمن في المدرسة يؤثر على استيعاب الدرس أثناء وجود الطيران؟
نعمل على تجهيز جميع الأقبية في المدارس التي يوجد فيها أقبية، وقمنا بالتعاون مع الدفاع المدني السوري بتحصين أكثر من 25 مدرسة بقيمة عقد 60 ألف دولار، وجهزنا فيه الأقبية في تلك المدارس بإشراف المهندسين المختصين، ولدينا عقد مع نفس الجهة لتوسعة المشروع في كل المدارس التي يوجد فيها أقبية، لكن يوجد لهذا الأمر مشاكل كثيرة أولاً ضعف التمويل وثانياً هناك مدارس لا يوجد فيها أقبية، والتي لا يوجد فيها أقبية لا نستطيع أن نقدم لها أي شيء لكن هنا تأتي ثقافة الطالب التي نعمل عليها.
لكن في الأصل يجب أن يتم البحث عن إيقاف سبب الطيران وإيقاف المشكلة من جذورها أو الحرب، نحن اليوم بحاجة إلى ضغط دولي على هذه العصابة الأسدية أو الروسية لإنهاء الصراع في سوريا والحفاظ على التعليم.
تقول إحدى الطالبات في ثانوية العروبة للبنات: لماذا لا يكون هناك دورات عن الإسعافات الأولية بدلاً من حصة الرسم أو الموسيقى؟
نحن أعطينا تفويضاً لفريق من الدفاع المدني ومديرية الصحة للقيام بعمل محاضرات عن الإسعافات الأولية لكن قد لا يظهر الأثر واضحاً بسبب الاحتياج الكبير لهذا النوع من الأنشطة وقلة الفرق العاملة، وأنا أعرف أن الدفاع المدني في منطقة خان شيخون، ومعرة النعمان، وكفرنبل، قد أعطينا تصاريح ودخلوا إلى المدارس وأعطوا محاضراتٍ للأساتذة والطلاب عن الإسعافات الأولية وكل ما يتعلق بهذا النوع من الإجراءات”.