تحقيق: بيبرس الثورة.استخدم النظام السوري أبشع أنواع التعذيب في سجونه، واعتمد عليها طريقةً وحيدة لانتزاع المعلومات من المعتقلين، ولم يترك طريقة من طرق التعذيب سواء مسموحةً إلَّا واستخدمها.لا استثناء في سجون الظلام، فكل شيء مسموح، ولا تُنتظر الرحمة من الجلاد فإنَّ تلك الكلمة قد سقطت من قاموسه الأسود وانسلخ من آدميته كما تنسلخ الأفعى من جلدها الذي لم يعد يتناسب مع حجمها الجديد.لن نتكلم اليوم على طرق التعذيب المؤلمة جسدياً، بل على أقساها على الإطلاق وهي (الاغتصاب) وهَتك العِرض، ويا لها من كلمة قاسية يتردد صداها المؤلم كأنها صرخة ألمٍ في كهف مخيف تُزلزل شموخ الرجال وتكسر كبرياءهم وشموخهم.تقول عفيفة التي أطلق سراحها من أحد سجون النظام بعد أسبوع من التعذيب المتواصل الذي كان من ضمنه الحرق والتعرية والإهانة: “اقتادني الجلاد إلى زنزانة منفردة، وجُرِّدت من ملابسي بشكل كامل، ورُبطت قدماي وعُلقتُ من السقف بشكل مقلوب وتعرضت إلى الحرق بأعقاب السجائر، وتم الاعتداء عليَّ جنسياً”، وتصف عفيفة آلية الاغتصاب : “يتم النداء على اسم المعتقلة وتقتاد إلى غرفة أخرى وتغتصب فيها”.تقول عفيفة: “كنت أتعرض للاغتصاب بشكل يومي تقريباً طوال فترة اعتقالي مع الإذلال والإهانة”، وتقول: “لقد شاهدت حالات قتلت فيها معتقلات من شدة التعذيب والاغتصاب، وهناك حالات حمل وحالات إسقاط الجنين من شدَّة الضرب، لكن الأصعب بالنسبة إلى أية فتاة هو وضع مولود ناتج من الاغتصاب، فلا هي قادرة على التخلص منه لأنه طفل لا ذنب له وهو يحتاج إلى الطعام والرعاية من الأم من جهة، وبنفس الوقت كلما نظرت إليه تذكرت لحظات اغتصابها حيث الطفل معها شاهداً على اغتصابها”.و الأشدُّ مرارةً هي المواقف التي قد تقع معها بعد الخروج من المعتقل عندما ستسألها صديقتها أو جارتها أين والد هذا الطفل ومن هو أبوه؟.قامت صحيفة حبر بأخذ آراء الناس حول نظرة المجتمع إلى الفتاة التي اغتصبت في أفرع أمن النظام، وكيف ينظر أيضاً إلى الطفل الناتج من عملية الاغتصاب، فكان الجواب الأعم هو أنَّ المجتمع ينظر إلى مثل هذه الحالات على أنَّها مجرمة وطفلها شاهد على جُرمها، والعار يلحق بها أينما ذهبت، يقول أحد الشبَّان: ” إنَّ النظرة إلى تلك الفتاة نظرة جاهلية، فمجتمعنا مجتمع لا يرضى فيه الشابُّ أن تكون زوجته في المستقبل قد تعرضت للاغتصاب، ويَنظرُ إلى الولد الذي معها على أنَّه ابن حرام” على حد قوله.لكن هناك بعض الشباب الذين قالوا نقبل بالزواج من مغتصبة لكن لا أستطيع أن أُربي طفلاً ليس ابني.فكان لا بدَّ من سؤال الشرع عن هذا الموضوع المهم الذي يجب علينا أن ننظر من خلاله إلى هذه الأمور وقد وجهنا بعض الأسئلة الشرعية لفضيلة الشيخ تميم عامر الحلبي.كيف ينظر الإسلام إلى الفتاة المغتصبة؟المرأة المغتصبة كالفتاة في نظر الإسلام، وهي امرأة وقع عليها ظلم وعدوان بما لا تؤاخذ به ولا دخل لها فيه، وقد ابتلاها الله بهذا البلاء العظيم، فالتَصبر ولتَسترْ على نفسها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً ولتعلم أنَّها عفيفة طاهرة مأجورة بإذن الله تعالى (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) ومن اُكره على شيء فلا إثم عليه في الإسلام فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)وقد روي أنَّ امرأة استُكرهت على الزنا على عهد رسول الله rفأعفاها الحد وأقامه على الذي أصابها.كيف ينظر الإسلام إلى الطفل الناتج من الاغتصاب، ومتى يحق للمغتصبة الإجهاض؟الولد الناتج من الاغتصاب هو نفس بشرية محترمة حكمه حكم الولد الناشئ عن نكاح صحيح عموماً، بل حرمته منذ تكونه في رحم أمه حتى وضعه، والدليل على هذا قصة المرأة الغامدية التي جاءت إلى النبي rواعترفت بالزنا وأبلغته بحملها فقال لها: (اذهبي حتى تضعي) فلمَّا وضعته جاءته فقال لها: (اذهبي حتى ترضعيه)، أمَّا من حيث النسب فولد الزنا لا يلحق بأبيه ولا ينسب إليه لما جاء في الصحيحين من حديث النبيr(الولد للفراش وللعاهر الحجر)، وإنَّما ينسب لأمه التي حملته ووضعته، أمَّا عن الإسقاط أو الإجهاض في هذه الحالة تجري عليه عملية التفضيل التي ذكرها العلماء في حكم الإجهاض حسب عُمرِ الحمل، ففرقوا بين الإجهاض قبل نفخ الروح (تمام الأربعة أشهر) وبعد نفخ الروح، وأكثر أهل العلم على منع الإسقاط قبل نفخ الروح ما لم يكن الإسقاط لعذر أو مصلحة شرعية أو لدفع ضرر متوقع على المرأة، وعلى هذا فقد يعد الحمل من الاغتصاب عذراً يبيح للمرأة إسقاط الجنين في هذه المرحلة (قبل نفخ الروح).هل يجوز للفتاة إخفاء حادثة الاغتصاب عن الرجل الراغب في نكاحها وهل ينطبق هذا على الزوج الثاني إن تطلقت من الزوج الأول؟الناس عموماً لا يساوون بين البكر والثيب وهذا أمر قرره الشرع، وعلى الرغم من أنَّ الفتاة المغتصبة قد فضت بكارتها بما لا تؤاخذ ولا تتحمل وزره إلَّا أَّنها في الحقيقة لم تعد بكرًا، وما دامت قد وطئت من قبل وطئًا حلالاً أم حراماً فإنَّ إخفاء هذا الأمر على الشابِّ الخاطب فيه خداع وتدليس، وما دام شرط البكارة معروفاً والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً يثبت له خيار الفسخ، بينما لو عَلم بعد الدخول يرجع المَهر على من غرَّه وخدعه تماماً كما لو وجد عيباً بالفتاة لم يكن قد علم به قبل العقد كالبرص والعمى والعرج والصلع فعليها أن تخبره بأنَّها ليست بكراً وأنَّها قد انفضت بكارتها بما لا وزر عليها فيه، فإنْ رغب بالاستمرار أو الستر عليها كان مأجوراً على ذلك وقد قال نبيناr(من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة).