لم يظهر زواج المتعة أو الزواج المؤقت في مدينة حلب، إلا بعد دخول ميليشيات إيران الشيعية، حيث وجد بعض الشباب غير المتدين وبعض النساء ضالتهم في هذا الزواج، لأنه لا يُلزمهم بالاستقرار ولا بدفع أموال كبيرة بالنسبة إلى الرجال كتكاليف الزواج والنفقة على المنزل والأولاد أيضاً، وقد شجعت بعض الجمعيات الإيرانية هذا الزواج وأعطته طابعاً شرعياً بموافقة السلطات السورية مع صمت مريب من قبل (دار الإفتاء) وسكوت جميع خطباء المساجد عن هذا الأمر!
لكن كيف ينظر الشرع إلى هذا الزواج الذي يدعي فيه الشيعة أنه حلالاً بدليل الآية 24 في سورة النساء وقد كان موجوداً أيام النبي صلى الله عليه وسلم وفي زمن صحابته الكرام أيضاً؟
الدكتور “محمد نور حمدان” (دكتوراه في الفقه الإسلامي وأصوله) يجيب عن أسئلتنا بخصوص نكاح المتعة:
“أولاً: زواج المتعة كان مباحاً في بداية الإسلام ثم نسخه النبي صلى الله عليه وسلم، ووردت أحاديث كثيرة ومتعددة تدلُّ على تحريمه، ومنها قول عليّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرم نكاح المتعة يوم خيبر وحرم لحوم الحمر الأهلية، وورد أيضاً التحريم في عام الفتح، وفي عدة حوادث تدل على نسخ هذا الحكم وتحريمه.
ثانياً: أجمع جمهور الفقهاء ونقل الاجماع بتحريم نكاح المتعة لعدة أسباب، لأن المقصود من الزواج البقاء والاستمرار والمودة والألفة والمحبة بدليل قوله تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” 21 سورة الروم، وعقد المتعة لا تتوفر فيه هذه الشروط.
ثالثاً: قال تعالى: “وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا” آية 24 سورة النساء.
لا يجوز الاستدلال بالآية السابقة على جواز نكاح المتعة لأن الآية كانت واردة في موضوع عقد الزواج في بدايتها وكانت تتحدث عن المحصنات من النساء ثم أحل لكم ما وراء ذلك، وبعدها قال فما استمتعتم به منهنَّ فآتوهنَّ أجورهنَّ فريضة، وهذه تتحدث عن الزواج الشرعي وليس نكاح المتعة. لأن لفظ أجور في القرآن مستخدم بمعنى المهور دائماً
خامساً: أجمع الفقهاء على تحريم نكاح المتعة والإجماع حجة قطعية، وهذا النكاح أقرب إلى الزنا من الزواج الشرعي لأن الرجل إذا أراد الزنا بامرأة فإنّه يتفق معها على الوقت والمبلغ المقابل وكذلك نكاح المتعة، فإنه لا يشبه عقد الزواج لأن عقد الزواج فيه مقاصد كبيرة وليس المقصد فقط الاستمتاع، إنما هناك مقصد الولد ومقصد الاستقرار ومقصد السكن أيضاً ومقصد المودة فأي مودة تكون في عقد نكاح المتعة؟!
سادساً: قول الصحابي ابن عباس رضي الله عنه بجواز المتعة، وأخذ طائفة من المبتدعين مثل الشيعة الإمامية بهذا القول لإباحة هذا الزواج، فقد ورد أنه رضي الله عنه قد تراجع عن هذا القول، وإذا رجعنا إلى بعض كتب التفسير نرى أن الأدلة التي تشير إلى رجوع ابن عباس عن قوله بالجواز.”
هل تنطبق عقوبة الزاني على المتمتع؟
“لا تنطبق عليه عقوبة الزاني باتفاق الفقهاء، وذلك لوجود الشبهة في موضوع العقد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ادرأوا الحدود بالشبهات، لكن ممكن أن تكون هناك عقوبة تعزيرية رادعة لمنع مثل هذه العقود.”
ما حكم أولاد هذا النكاح؟
“عقد المتعة أشبه بعقد نكاح فاسد، ولا بدَّ من تصحيحه، وإذا تزوج الرجل من امرأة للمتعة يجب فسخ العقد قبل الدخول، أمَّا إذا تم الدخول فيمكن تصحيحه بإجاب مهر المثل على هذه المرأة، فإذا جاء أولاد من هذا النكاح يلحق النسب بالرجل الواطئ لأنه أشبه بعقد نكاح فاسد”.