بقلم | غسان دنو
“سنعود يومًا لنبينها، وننقل إلى سورية ما تعلمناه ونطوره” بهذه الكلمات ختم عدد من الطلاب المتفوقين في الجامعات التركية لقائنا معهم.
(صحيفة حبر) سلطت الضوء على التجربة الدراسية لأربعة طلاب من أصل 14 تخرجوا خلال الأسابيع الماضية، هُجِّروا نتيجة الحرب ودرسوا خارج سورية.
(يحي خلف) من مواليد مدينة حلب، تحدث لحبر عن اضطراره للخروج منها عام 2013 إلى تركيا بعد نجاحه بالثانوية (فرع علمي)، حيث اضطر للعمل في مهن متعددة، ثم قُبِل في فرع الهندسة الميكانيكية بجامعة (كوركوت أتا) بولاية (العثمانية) بتركيا.
وعن بداية مشواره الدراسي يقول: “لم يكن تعلم اللغة التركية سهلاً عليَّ، لأني كنت أدرسها مساءً بعد انتهائي من عملي بدون دورات أو معاهد، ثم بدأت العام التالي الدراسة وخضت معركة إثبات الذات في فرع هندسة الميكانيك، وبعدها بعام بدأت دراسة هندسة الكهرباء والإلكترون إلى جانب فرعي الأساسي لأشبع شغفي ورغبتي بتحصيل العلم النافع”.
وعن حلاوة النجاح يقول: “أكرمني الله أن انتصرتُ في معركة إثبات الوجود ونيل ثقة الأصدقاء واحترامهم، وكذلك الكادر التدريس، وتخرجت من الفرعين بمعدل 3.82 و3.74 على التوالي، وبترتيب الأول على كلية الهندسة في جامعة العثمانية.”
أما ابن مدينة (حمص) (عبد الرؤوف عكاش) فقد أبدع أيضًا بدراستين، وتخرج بمعدل 85% من الهندسة الميكانيكية أيضًا، بالتزامن مع دراسته للهندسة المدنية بجامعة غازي عينتاب.
وعن سر نجاحه، خاطب الطلاب السوريين قائلاً: “من خلال تجربتي الخاصة، فإن الصعوبة الوحيدة التي يمكن أن يواجها الطالب السوري الذي يدرس في الجامعة هو العامل النفسي والخوف من البيئة الدراسية، لعدة أسباب منها (اللغة) وبعض الضغوطات في حياة اللجوء، ولن يكون ذلك عائق، وأنصح إخواني الطلبة الجدد ألا يكون هدفهم النجاح فقط، إنما التفوق، الذي من أسبابه توفير بيئة دراسية مناسبة تساعد الطالب، كاختيار الصحبة الصالحة خلال دراسته، ومن خلال تجربتي أرى أنها أول خطوة والأهم في طريق التفوق والنجاح، بالإضافة إلى حسن تنظيم الوقت والتفاعل مع الأساتذة في الجامعة، طبعًا مع عدم إهمال الجانب الاجتماعي فهو من الأولويات.
أما كيف استطعت مواجهة الصعوبات والتغلب عليها، فيمكنني القول: إن الفضل لله أولاً، ثم للدعم الذي حصلت عليه من الوالدين، فكانا المرشدين لي والدافع نحو الاجتهاد، وكذلك أصحابي في الجامعة الذين كان لتشجيعهم لي دور أساسي في نجاحي، ثم لدراستي وتعبي.”
وثمَّة قصة مميزة جمعت طالبتين بفرعين مختلفين بجامعة (العثمانية) شاء الله أن تُهجرا سويةً من مدينة (معرة النعمان) إلى تركيا، هما
(أفروديت بيطار) المتخرجة بتفوق كأولى على دفعتها من فرع إدارة الأعمال بمعدل ممتاز، وابنة خالها (ديالا هلال) التي خاضت غمار الهندسة المدنية وتخرجت بتفوق أيضًا.
تقول (أفروديت، وديالا): “بعد أن هُجرنا ودخلنا تركيا، التحقنا بالمدرسة الليبية، وحصلنا على الشهادة الثانوية منها، ثم التحقنا بجامعة العثمانية.”
أما عن تجربة (أفروديت) في الجامعة، فتقول: ” السنة الأولى لم تكن سهلة مطلقًا، فأنا الطالبة الأجنبية الوحيدة في الصف بين الأتراك، تعبت كثيرًا لأنجح، فتفوقت وحصلت على منحة دراسية ساعدتني قليلاً في المصروف.”
وتضيف: “لقد عملت بالعطلة الصيفية بمحلات الألبسة وتدريس اللغة التركية لمن هم أقل مني خبرة.”
وتوافقها (ديالا) بصعوبة التأقلم في السنة الأولى لاسيما تعلم اللغة، بقولها: “كنت أترجم للعربي ثم أحل التمارين وأعود لأترجمها للتركي، وقد ضاع الكثير من الوقت عليَّ.
ثم تغلبت على مخاوفي في السنة الثانية، وتأقلمت أكثر حتى استطعت تذوق طعم التفوق لأول مرة في السنة الثالثة ثم الرابعة، وكنت أساعد أصدقائي الأتراك بالدراسة في العام الأخير وهذا تميز.”
أما (أفروديت) فكانت تتفوق على زملائها بكل السنوات وتحصّل شهادات شرف من الجامعة رغم المنافسة القوية، ختمت حديثها، بقولها: “أخطط لإكمال دراستي بالماستر، ولدي خطط لتأسيس عمل خاص.”
ووجه المتخرجون نصائح مهمة للطلاب السوريين، بألَّا يضيّعوا السنة الأولى في الجامعات التركية كمعيار، وخاصة حاجز اللغة التركية، وأن يكون لديهم ثقة في الله وأنفسهم ليصلوا إلى أهدافهم.