استعر القصف في حلب أمس تزامناً مع اجتماع لمجلس الأمن الدولي دعت إليه فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لإدانة همجية النظام وروسيا المتجددة حيث تستخدم موسكو سلاح الشمس الحارقة الذي يبيد من يقطن في دائرة 650 متراً من سقوط الصاروخ.
وقد شن الطيران الروسي والسوري أكثر من ثلاثين غارة على أحياء حلب منذ فجر أمس ما أدى إلى مقتل أكثر من 35 مدنيًا وسط صعوبات تواجه الدفاع المدني في انتشال الضحايا وحصار يطبق على المدينة.
حيث لحقت أضرار جسيمة بأحياء المعارضة شرق حلب و أسفر القصف عن تدمير عدة مباني بالكامل وخلف مشاهد مروعة إختلط فيها البشر بالحجر.
وأكد أحمد حجار الذي يقطن حي الكلاسة لوكالة فرانس برس «لم تتوقف الضربات طوال الليل» وأضاف الرجل 62 عامًا «لم تغمض عيني قبل الرابعة فجرًا». ويروي أحمد أن «قنابل عنقودية» تناثرت قرب مسكنه لكنها لم تنفجر مضيفًا «أن أحد الجيران قتل بإحداها لقد رأيته وهو يتعثر بها ثم انفجرت ومزقت جسده كان المشهد مروعًا».
وأكد إعلاميون و وكالات أنباء أن الطائرات الروسية استهدفت في وقت متأخر من ليل امس بالقنابل الفوسفورية الحارقة الأحياء السكنية في مدينة حيان بريف حلب الشمالي ما أسفر عن اندلاع حرائق كبيرة ودمار في الأبنية.
وأفادت المصادر بأن مدن وبلدات بينانون وحريتان ومعارة الأرتيق وعندان في الريف تعرضت لقصف آخر بالقنابل العنقودية أدى إلى أضرار مادية وقصفت الطائرات الحربية الروسية مخيم حندرات الاستراتيجي على الأطراف الشمالية لمدينة حلب بينما استمرت المعارك بين قوات النظام وقوات المعارضة للسيطرة على المخيم.
وقالت سامنثا باور مندوبة الولايات المتحدة إن ادعاء النظام السوري محاربة الإرهاب مجرد هراء والأسد غير مكترث بما بقي من بلاده في سبيل تحقيق حل عسكري للأزمة وإن ما تقوم به روسيا في حلب بربرية وليس محاربة الإرهاب وإن القنابل الحارقة التي تستخدمها وقوات النظام ترقى إلى جرائم حرب مشيرة إلى أن روسيا لم ولن تقول الحقيقة مطلقا بشأن سوريا.
بدوره قال المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا: جميع الأطراف مسؤولة عن إخفاق اتفاق وقف إطلاق النار داعياً مجلس الأمن إلى إعداد خارطة طريق مشتركة لتنفيذ الاتفاق الأميركي الروسي المعرض للخطر. وأيده سفير بريطانيا ماثيو ريكروفت حيث قال إن محاولات الولايات المتحدة وروسيا لإحلال السلام «تقترب كثيرًا جدًا من نهايتها وعلى مجلس الأمن أن يكون مستعدًا للوفاء بمسؤولياته» وقال إن روسيا ونظام الأسد يرتكبان جرائم حرب وأطالا أمد النزاع.
فيما قالت فرنسا إن حلب تحولت لمدينة خراب وينبغي وقف النار وإيصال المساعدات على وجه السرعة مطالبة بآلية صارمة لوقف القتال متهمة نظام الأسد بارتكاب جرائم حرب واستخدام اسلحة محرمة.
بدوره دافع السفير الروسي فيتالي تشوركين عن خطوات بلاده وقال إن إحلال السلام في سوريا بات مهمة شبه مستحيلة الآن متهماً واشنطن وعواصم أخرى بدعم جماعات إرهابية تستخدم المدنيين كدروع بشرية وإن واشنطن لم تنفذ ما التزمت به في اتفاق الهدنة.
وأضاف: «نقيم ممرات إنسانية للسكان والمعارضة المسلحة تستهدفها» كما اتهم الطائرات الفرنسية بقصف في منبج أسفر عن مقتل مدنيين ولم يتم التحقيق في الحادث.
في المقابل أكد الجيش السوري الحر والائتلاف الوطني المعارض في بيان مشترك أن نظام الرئيس بشار الأسد وبمشاركة مباشرة من حليفته روسيا والميلشيات الإيرانية صعد «عدوانه الإجرامي في حلب» واتهم الجيش الحر والائتلاف نظام الأسد باعتماد «سياسة الأرض المحروقة بهدف تدمير المدينة وتهجير سكانها».
واعتبر بيان مشترك وقع عليه 30 فصيلاً وجهة معارضة أن «العملية التفاوضية وفق الأسس الراهنة لم تعد مجدية ولا معنى لها في ظل القصف والقتل والتدمير. وأكدا على «عدم قبول الطرف الروسي كطرف راع للعملية التفاوضية كونه شريكًا للنظام في جرائمه».
وأضافا: «أي اتفاق دولي لوقف إطلاق النار يجب أن يشمل وقف جميع عمليات القصف والقتل والتهجير القسري بأي وسيلة كانت وفكِّ الحصار ودخول المساعدات وإبطال جميع الاتفاقيات التي تم انتزاعها من أهالي المناطق المحاصرة تحت سياسة الجوع أو الركوع».
وفي اجتماع عقد في بوسطن طالب كيري ونظراؤه في كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا روسيا باتخاذ «خطوات استثنائية لاستعادة المصداقية لجهودنا بما في ذلك وقف القصف العشوائي من جانب النظام السوري لشعبه الذي تسبب على الدوام وبشكل شنيع في هدم الجهود الرامية لإنهاء هذه الحرب». وحملت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي و وزراء خارجية دول أوروبية بوضوح روسيا مسؤولية استئناف القتال.
وأضاف الدبلوماسيون أن «الصبر على عجز روسيا المتواصل أو عدم رغبتها الايفاء بالتزاماتها له حدود» مطالبين موسكو بأن تبرهن عن رغبتها في اتخاذ خطوات لإنقاذ الجهود الدبلوماسية للعودة إلى الهدنة والسماح بوصول المساعدات ودعا وزراء خارجية دول الأوروبي وأميركا كل فصائل المعارضة إلى وقف تعاونها مع «جبهة النصرة» التي ترفض التحول السياسي المتفق عليه وتهدد أي مستقبل ديموقراطي في سوريا.