علي سندة |
قبل أن نذكر آخر ما في جعبة السياسيين حيال ما يجري في ريفي حماة وإدلب، أُذكر بكل ما صدر عنهم منذ بداية الحملة العسكرية، ففي يوم 7 أيار الماضي نشرت هيئة التفاوض السورية بيانًا أدانت فيه الحملة العسكرية على حماة وإدلب، وحمَّلت المجتمع الدولي مسؤوليته ودعت إلى جلسة طارئة وحذرت من تفاقم الوضع الإنساني، وكذلك فعل الائتلاف الوطني في اليوم نفسه بيان منفصل.
لكن بعد مُضي أكثر من أربعين يومًا على الحملة العسكرية في ريفي حماة وإدلب، وقصف بالطائرات الروسية والأسدية من الجو، وتنفيذ عشرات الاقتحامات البرية من قِبل مليشيات الأسد، وسقوط أكثر من 770 شهيدًا، وتهجير نصف مليون إنسان، وتدمير كبير للقرى والمدن والبلدات التي تشهد تلك المحرقة، قالت هيئة التفاوض (التي تمثل السوريين سياسيًا) إبَّان اجتماعها الدوري في الرياض يوم 16 حزيران الجاري، كما جاء على لسان رئيسها (نصر الحريري) إنها ستبلور قرارًا بشأن ما يجري في ريفي حماة وإدلب يوم الثلاثاء 17 حزيران!! وإن أفرادها يعيشون حالة غليان في صفوفها!! ثم أعقب الحريري بعد يوم، خلال مؤتمر صحفي بالرياض، بقوله: “رفضت هيئة التفاوض اللقاء مع الروس بسبب استمرار الهجمات العسكرية على مناطق في الشمال السوري.” مشترطًا عليهم إيقاف القصف أولاً، إذ لا وجود لانتقال سياسي في ظل حرق روسيا للأخضر واليابس، وبالتالي ماتت العملية السياسية، بحسب الحريري.
وهل بدأت العملية السياسية حتى تموت؟! هل مطالب السوريين باتت لجنة دستورية وانتقال سياسي فقط دون العودة إلى القرار 2254 ووضع خطة حقيقية لتنفيذه؟ أين كانت بداية العملية السياسية برأيكم، وما هي الخطة، وكم مرة فاوضتم النظام ولو بشكل غير مباشر، وماهي الإنجازات؟! من سقوط الغوطة، أم درعا، أم شمال حمص، أم مخطط شرق السكة؟!
الآن انقضى يوم الثلاثاء الماضي (لبلورة) القرار الموعود واليوم سبت، أين هو القرار الموحد؟! هل سيصدر بعد إتمام ألف شهيد بفعل الإجرام الروسي والسوري؟ هل تستطيعون القول، ضمن القرار الذي مايزال يتبلور بعد كل هذه المجازر ولا ندري أنشهد صدوره أم لا، إن روسيا على أقل تقدير مُجرمة تقصف المدنيين باسم الإرهاب وقتلت آلتها العسكرية مع النظام إلى الآن 770 شهيدًا وشردت ودمرت؟ بل هل لكم (أقصد هنا كتلتي الائتلاف والمستقلين في الهيئة) سلطان على قراراتكم دون العودة إلى منصة موسكو التي تُدير أعمالها من روسيا بقيادي قدري جميل، وهيئة التنسيق التي تدير أعمالها من دمشق؟
ثم ما هو الغليان الموجود لدى أعضاء الهيئة، هل له مفهوم فيزيائي آخر؟ إن كنتم لا تدرون الغليان الحقيقي في المواقف، فاسألوا جيش العزة والجبهة الوطنية للتحرير وباقي الفصائل وكل الثوار الذين غلت دماؤهم غيرةً على عرضهم وأرضهم وأُريقت رخيصة في صدِّ المجرمين وإيقافهم، اسألوهم كم مرة يردعون مليشيات الأسد باليوم وكم مرة يموتون باليوم بفعل القصف الجنوني وبسالتهم وصمودهم رغم كل المحرقة.
الغليان لا يكون برفض لقاء من يقتلنا، الغليان الحقيقي يكون عندما يُحلق السوريون بجناحين لنيل حريتهم على الأرض في العمليات وفي الخارج سياسًا، هذا إن كان لكم قبول على الأرض، الغليان يكون بلقاء الروس كندٍ قوي والتفاخر بما يصنع الثوار والتهديد أكثر بتوسيع عملياتهم على طاولة السياسة إن لم يتوقف القصف وتتوقف العملية العسكرية وتتراجع مليشيا الأسد عن المناطق المحتلة ويُلجم الأسد، أما رفض اللقاء على مبدأ (أنا زعلان وما بدي أجتمع حتى تبطلوا لعب) فهذا برود وليس غليان.
مايزال السوريون بانتظار التعرف أكثر على الغليان عندكم وبانتظار البلورة للتقرير الموعود، وشتان بين غليانكم وغليان الثوار.