بدأت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بتعزيز وجودهما العسكري في الشرق الأوسط؛ بحيث أصبح يتفوق كثيرا على الوجود العسكري الروسي في المنطقة. فقد أمر البنتاغون حاملتي الطائرات “هاري ترومان” و”دوايت إيزنهاور” بالتوجه إلى البحر الأبيض المتوسط. ذلك، إضافة إلى قرب انضمام بلجيكا والدنمارك إلى عمليات محاربة “داعش”. وليس مستبعدا أن تقرر قمة الناتو، التي ستعقد في بولندا في يوليو/تموز المقبل، مشاركة جميع البلدان الأعضاء في عمليات محاربة “داعش” في العراق وسوريا.
ولا يخفي البنتاغون أن ازدياد نشاط الولايات المتحدة والناتو في المنطقة ليس هدفه القضاء على الإرهابيين فقط، بل ومواجهة روسيا أيضا. فقد صرح مصدر عسكري في البنتاغون لـ”صحيفة وول ستريت جورنال” بأن دخول حاملة الطائرات “هاري ترومان” إلى البحر الأبيض المتوسط هو إشارة إلى السلطات الروسية، واستعراض لمرونة وقدرات القوات البحرية الأمريكية”.
وتلفت الصحيفة الأمريكية النظر إلى أن هذه الإجراءات اتخذت لمساندة قمة الناتو في بولندا، وتتزامن مع مناورات “الناتو” البحرية في أوروبا الشرقية وتركيا. أي أن الولايات المتحدة “تسعى بهذا الشكل الولايات المتحدة لموازنة العمليات العسكرية الروسية ضد “داعش”.
وتهاجم الولايات المتحدة حاليا، بمساعدة الفصائل الكردية المنضوية تحت راية ما يسمى “القوى الديمقراطية السورية” وفصائل عربية سنية والأتراك، مواقع “داعش” إلى الشمال من حلب. وتشير وسائل التواصل الاجتماعي العربية إلى أن القوات الأمريكية الخاصة تنسق هذه العمليات.
وكان ممثل البنتاغون بيتر كوك قد أعلن سابقا أنه لا يوجد أي تنسيق بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن عملياتهما الحربية في سوريا. كما لم تكشف كل من موسكو وواشنطن عن تفاصيل خططها المستقبلية. ولكنْ، استنادا إلى الأوضاع الحالية، فإن قوات “القوى الديمقراطية السورية”، بدعم من الولايات المتحدة، نفذت مناورة هجومية مخادعة على الرقة؛ ولكنها عمليا عبرت نهر الفرات، وبدأت تتقدم على امتداد الحدود التركية باتجاه الغرب.
والهدف من هذا كما يبدو كان الالتحام بالقوات الكردية في جيب عفرين لمنع أي تواصل بين الإرهابيين والأراضي التركية. وتحاول الولايات المتحدة إعطاء دور مهم لما تسميه “المعارضة المعتدلة” في هذه العمليات، على الرغم من أن بعضها تنتهك نظام الهدنة، وبدعم من تركيا تهاجم مواقع القوات السورية في شمال البلاد. وعمليا، هذا يعني، على خلفية انهيار الحوار السوري – السوري، أن الأمريكيين، من دون الإعلان عن ذلك، بدأوا بتنفيذ الخطة “باء”، التي تتضمن تقديم مساعدات مكثفة إلى المعارضة واستخدام القوات البرية والخاصة في تنفيذ عملياتها في سوريا.
طبعا، فإن المناطق التي ستحرَّر وفق الخطة “باء” ستكون مستقلة وغير مرتبطة بدمشق، ما سيعطي حافزا قويا لتقسيم سوريا. وتشير وسائل الإعلام السورية إلى أنه خلال خمسة أيام ومنذ بداية الهجوم على منبج تمكنت “القوى الديمقراطية السورية” من احتلال حوالي 80 نقطة سكنية وتقدمت مسافة 4-5 كلم فقط.
إن انضمام حاملات الطائرات وقوات من دول الناتو الأخرى وحلفاء الولايات المتحدة في الائتلاف الدولي إلى العمليات الحربية في سوريا، يغير جذريا الوضع لمصلحة خصوم الرئيس السوري بشار الأسد؛ حيث أصبح معلوما أن القوات الجوية البلجيكية ستبدأ بشن الغارات على مواقع “داعش” في سوريا، وتخطط الدنمارك والنرويج والسويد وفنلندا للمشاركة في هذه الهجمات.
وتجدر الإشارة إلى أن جميع هذه الخطط لم تنسق مع الحكومة السورية والقيادة الروسية، التي لن تحاول منع تنفيذها ولكن يبدو أن لروسيا استراتيجيتها لتطبيع الأوضاع في سوريا
فقد أفادت صحيفة “فايننشال تايمز” قبل أيام بأن القوات السورية بفضل دعم القوات الجو – فضائية الروسية تمكنت من احتلال مواقع على بعد 65 كلم إلى الجنوب الغربي من الرقة. أي أن هذه القوات تمكنت من التقدم مسافة 45 كلم على امتداد طريق إثريا – الرقة، وبحسب وسائل الإعلام العربية، فإن “المهمة الرئيسة للقوات السورية هي تحرير قاعدة طبقة الجوية، والوصول إلى نهر الفرات إلى الشمال من مدينة الرقة ويبدو أن الغرض من هذا هو قطع طرق إمدادات “داعش” في محافظة حلب وعزل المسلحين عن قواهم الأساسية وبعد تحرير الرقة سوف تبدأ قوات الأسد هجومها على دير الزور الغنية بالنفط.
طبعا، هذه الخطط للمستقبل؛ ولكن وقائع السنوات الماضية تبين انخفاض حجم العمليات الحربية في شهر رمضان، ولكن هذا لا يلاحَظ حاليا في سوريا، وقوات الأسد تتقدم باستخدام دبابات “تي–90” الروسية وناقلات الجنود المدرعة “تيغر”.
المصدر : صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا”