“المملكة العربية السعودية”
وزارة الخارجية
صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله
أتشرف بأن أرفع إلى سموكم مشروع إقامة العلاقات بين المملكة ودولة إسرائيل، استناداً إلى اتفاق الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية، والذي تمت مناقشته مع وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية بناءً على توجيهكم السامي الكريم:
إن المملكة العربية السعودية هي مهبط وحي الإسلام، وأرض الحرمين الشريفين، ويتّجه أكثر من 1,6 مليار مسلم نحو مكة المكرمة خمس مرات في اليوم في صلواتهم، ولها تأثير كبير وقوة دبلوماسية تُضفي المصداقية للمساعي نحو السلام.
والمملكة كانت تعهَّدت في اتفاق الشراكة الاستراتيجية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن أي مسعى أميركي – سعودي هو مفتاح النجاح، حيث إن السعودية هي الدولة الأمثل في العالمين العربي والإسلامي لحشد الآخرين نحو حل، ولا يمكن لأي حل للقضية الفلسطينية أن يكتسب الشرعية ما لم تدعمه المملكة العربية السعودية، كونها قبلة المسلمين.
إن تقارب المملكة العربية السعودية مع إسرائيل يتضمَّن مخاطرةً من قبل المملكة تجاه الشعوب الإسلامية، لما تمثله القضية الفلسطينية من مكانة روحية وإرث تاريخي وديني. ولن تُقدم المملكة على هذه المخاطرة إلا إذا شعرت بتوجه الولايات المتحدة الصادق ضد إيران، التي تقوم بزعزعة استقرار المنطقة من خلال رعايتها للإرهاب، وسياساتها الطائفية، وتدخلها في شؤون الغير، وخصوصاً أن هذا السلوك الإيراني قد أدانه العالم الإسلامي بالإجماع بشكل رسمي، خلال مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي الذي عقد في مدينة إسطنبول، في شهر أبريل/نيسان 2016.
وبناء على ذلك، فإن مشروع السلام الذي تقترحه المملكة يقوم على الآتي:
أولاً: إن أي تقارب بين المملكة وإسرائيل مرهون بتكافؤ العلاقة بين البلدين، فعلى المستوى العسكري تعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط، مما يمنحها عامل التفوق في توازن القوى إقليمياً، وبناء على ذلك فإنه ينبغي السماح للمملكة بامتلاك مثل هذه المقومات الردعيّة، أو تجريد إسرائيل منها.
ثانياً: ستُسخِّر المملكة العربية السعودية قدراتها الدبلوماسية وعلاقاتها السياسية مع السلطة الفلسطينية ومع الدول العربية والإسلامية لتسهيل إيجاد الحلول المعقولة والمقبولة والمبتكرة، بشأن القضايا المختلف عليها في البنود المتضمنة في المبادرة العربية للسلام، التي تقدمت بها المملكة العربية السعودية، ومن خلال تبني الولايات المتحدة للمبادرة بطرح الحلول الإبداعية للمسألتين الرئيسيتين، وهما مدينة القدس، واللاجئون الفلسطينيون، كالآتي:
1- إخضاع مدينة القدس للسيادة الدولية، من خلال تبنِّي مشروع بيل لعام 1937، ومشروع الأمم المتحدة لعام 1947 حول القدس، وهما مشروعان دوليان للتقسيم قد أوصيا بعدم ضم المدينة للدولتين اليهودية والعربية، المقترح إقامتهما، ووضع المدينة تحت السيادة الدولية، ونصَّ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (181) الصادر في 29/11/1947، القاضي بتقسيم فلسطين، على إخضاع مدينة القدس لنظام دولي خاص، تُدار بموجبه من جانب الأمم المتحدة، وأن يقوم مجلس الوصاية بتعيين مسؤوليات الجهة المديرة للمدينة، وواجباتها، ونص مشروع التدويل على عدم جواز اتخاذ أي طرف من الأطراف المتنازعة القدس عاصمة له.
2- أما عن قضية اللاجئين الفلسطينيين فتؤكد السعودية سعيها لتوطينهم حيث هم، فمن الممكن للمملكة الإسهام بدور إيجابي إضافي في حل قضية اللاجئين، من خلال دعم اقتراحات مبتكرة وجريئة مثل:
– إلغاء توصية جامعة الدول العربية التي لا تزال سارية منذ خمسينيات القرن الماضي، والداعية لعدم تجنيس الفلسطينيين بجنسية أي بلد عربي.
– بذل الجهود لتوزيع اللاجئين الفلسطينيين على البلدان العربية، وإعطائهم جنسياتها وتوطينهم فيها.
ثالثاً: اقترحت المملكة في اتفاق الشراكة مع الرئيس ترامب أن السعودية والولايات المتحدّة تحتاجان للتوصّل إلى اتفاق حول المبادئ الرئيسية للحل النهائي، ويتبع ذلك لقاء بين وزراء الخارجية في المنطقة، بدعوة من الولايات المتحدّة، بهدف الوصول للقبول من الأطراف حول هذه المبادئ. يدعو الرئيس ترامب بعد ذلك قادة من المنطقة لتبني هذه المبادئ، وتبدأ المفاوضات بعد ذلك على الاتفاق النهائي.
رابعاً: إن الدور الأكثر فاعلية للسعودية، هو أن تدعم وتحشد الآخرين نحو حل يحقق عصراً جديداً من السلام والازدهار بين إسرائيل ودول العالم العربي والإسلامي.
وفي مستهلِّ تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لن يكون التطبيع مقبولاً للرأي العام في العالم العربي. لكن السعودية ترى أن انسجام التقنيات الإسرائيلية مع القدرات الاقتصادية لدول الخليج وحجم أسواقها، والطاقة البشرية العربية، سيطلق القدرات الكامنة للشرق الأوسط، ويحقق الازدهار، والاستقرار، والسلام.
خامساً: إن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني هو أطول صراع في المنطقة، وقد استخدمه المتطرفون لتبرير أفعالهم. كما شتّت انتباه الأطراف الفاعلة في المنطقة عن التركيز على الخطر الرئيسي على المنطقة وهو إيران. إن حل هذا النزاع سيفتح المجال أمام التعاون الأمني، والتجاري، والاستثماري، وتعاون أكثر فاعلية في التصدّي لإيران، وعليه فالطرفان السعودي والإسرائيلي متفقان على الآتي:
1- المساهمة في التصدّي لأي نشاطات تخدم السياسات العدوانية لإيران في الشرق الأوسط.
2- زيادة العقوبات الأميركية والدولية المتعلّقة بالصواريخ الباليستية الإيرانيّة.
3- زيادة العقوبات المتعلّقة بالرعاية الإيرانية للإرهاب حول العالم.
4- إعادة نظر مجموعة (خمسة + 1) في الاتفاق النووي مع إيران، لضمان تنفيذ شروطه حرفياً وبشكل صارم.
5- الحدّ من وصول إيران إلى أرصدتها المجمّدة، واستغلال الحالة الاقتصاديّة المترديّة لإيران، وتسويقها لرفع درجة الضغط على النظام الإيراني من الداخل.
6- التعاون الاستخباري المكثّف في محاربة الجريمة المنظمة وتهريب المخدرّات المدعوم من إيران وحزب الله.
أطال الله بقاءكم وأدام عزكم.
عادل الجبير
وزير الخارجية”.
المصدر: موقع هاف بوست