باسل إسماعيل |
شهد مخيم (رعاية الطفولة) بالقرب من بلدة (دير حسان) بريف إدلب الشمالي فجر يوم الثلاثاء 12 أيار عشرات حالات التسمم بين أفراد قاطني المخيم.
وقال أحد قاطني المخيم لصحيفة حبر: ” إن سكان المخيم عانوا من آلام حادة في البطن وحالات غثيان جراء تناولهم على الإفطار وجبات طعام جاهزة مُقدمة من إحدى المنظمات العاملة في إدلب.”
وأضاف بأن “منظمة إنسانية تُعنى بالأعمال الإغاثية والخيرية وتدعى شام شريف قامت بتوزيع وجبة إفطار مكونة من أرز وبازلاء ولحم مع مشروب اللبن لجميع أفراد المخيم.”
وأشار إلى أن “الفرق الطبية والإسعافية والدفاع المدني قاموا بإسعاف المصابين إلى المشافي الطبية المنتشرة شمال محافظة إدلب، حيث تجاوز عدد المصابين أكثر من 70 شخصًا بينهم أطفال ونساء.”
ورجح بأن سبب التسمم قد يكون بسبب سوء التخزين للمواد المستخدمة في الطعام، أو فساد مادة اللبن المُقدمة مع الوجبات في حال تعرضها لساعات طويلة تحت أشعة الشمس أو عدم حفظها بشكل صحي وأمن.
وقالت مؤسسة الدفاع المدني السوري عبر موقعها الرسمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي: “إن 70 مدنيًا بينهم 31 طفلًا و21 سيدة أصيبوا بحالات تسمم داخل مخيم رعاية الطفولة في تجمع مخيمات (دير حسان) في ريف إدلب الشمالي.”
اقرأ أيضاً: سكان (مخيم الجبل الشرقي) يشتكون سوء الخدمات وانتشار الأمراض
وأشارت المصادر إلى أن الحالات جميعها كانت تعاني من إسهال وإقياء وتخبط، عملت الكوادر الطبية على معاينتهم وأخذ التحاليل اللازمة وتقديم العلاج المناسب لجميع الحالات دون وجود خطر على أي حالة وصلت إلى النقاط والمراكز الصحية.
بدورها علقت جمعية (شام شريف) على الحادثة المؤلمة في بيان رسمي حول الحادثة بالقول: “في الثامن عشر من رمضان وزعنا كعادتنا وجبات الإفطار على ثماني مخيمات بمعدل 2200 وجبة منها حوالي عشرة آلاف مهجر، والطعام نطهوه بأيدينا معتمدين أعلى درجات النظافة والإتقان، وقد تم شراء أفضل أصناف الطعام الموجودة في السوق وبأغلى سعر، وكل هذا الطعام الموزع خرج من المطعم نفسه وطبخ في الأوعية نفسها.”
مرة أخرى أصيب عشرات النازحين ومعظمهم أطفال ونساء وكبار في السن بتسمم فجر يوم الأربعاء الماضي، وذلك لليوم الثاني على التوالي إثر توزيع وجبات إفطار صائم فاسدة من قبل إحدى الجمعيات العاملة في الشمال السوري على النازحين شمال إدلب بالقرب من الحدود السورية التركية.
حيث قامت جمعية (طوبى) بتوزيع وجبات ضمن مخيم المختار بالقرب من بلدة (كللي) شمال إدلب.
وبحسب أحد قاطني المخيم: “فقد تم توزيع الوجبات بعد الإفطار بسبب تأخر السيارة التي نقلت الوجبات من المطبخ إلى المخيم، وتم طبخ الوجبات في ذات المطبخ الذي لجأت إليه جمعية (شام شريف) وتتضمن الوجبة أرز وبازيلاء ولحمة، بالإضافة إلى مشروب مرفق بالوجبة عيران.”
وكشف أحد الأطباء الميدانيين أن عشرات الإصابات وصلت المشافي في المناطق الحدودية خلال اليومين الماضيين اليوم الأول 80 حالة، و70 حالة وصلت في اليوم الثاني.
وشخص الطبيب الميداني أعراض الحالات الواردة إلى المستشفيات مبدئيًا بأن “الحالات رافقها إسهال وإقياء وألم في البطن، وتم التعامل معها بتعويض السوائل والعلاج الأولي.”
وقال متحدث من جمعية (طوبى): ” إن العذر في المطبخ الذي تم طهي وجبات الطعام فيه، والمطبخ خاص ولا يتبع للجمعية، وحالات التسمم التي تمت قبل يوم خلال توزيع جمعية (شام شريف) لوجبات إفطار صائم، كان مصدر الوجبات ذات المطبخ، والجمعية ستقوم بملاحقة القائمين على المطبخ قضائيًا.”
بدوره أكد مصدر طبي في مشفى (القدس) شمال إدلب، الذي احتضن القسم الأكبر من الإصابات أن “معظم الحالات تماثلت للشفاء إلا حالة واحدة وهو رجل مسن ويعاني من أمراض الضغط والسكر تم وضعه تحت العناية داخل المشفى حتى تتحسن حالته وتستقر.”
وبحسب أغلب قاطني المخيمات فإن سبب فساد وجبات الطعام هو الجو الحار، حيث تقوم المنظمات بجلب الطعام في وقت مبكر إلى المخيمات وتضعه تحت الشمس وقتًا طويلاً قبل القيام بتوزيعه على القاطنين في المخيمات”.
بدوره أوضح (أبو أسامة) من قاطني مخيم رعاية الطفولة بالقرب من بلدة (دير حسان) بأن “حالات التسمم قد تكون ناجمة عن شرب العيران اللبن، الذي تم توزيعه مع الوجبات وهذا محتمل كونه قد يكون تعرض للشمس أو سوء التخزين، وفي كل الأحوال نحن نترقب وننتظر توضيحًا حول الأمر.”
أما (أبو محمود) وهو أحد قاطني مخيم (المختار) قرب بلدة (كللي) شمال إدلب فقال: “هناك منظمات تبدأ بتوزيع وجبات الإفطار الرمضانية منذ ساعات الظهيرة حتى تتمكن من إيصال الوجبات للمستفيدين في مخيمات المنطقة، وكثيرًا ما يتم إعداد الوجبات قبل يوم من التوزيع في المطابخ المنتشرة في المنطقة، وفي حال عدم مراعاة شروط تخزين سليمة أو غيرها يمكن أن تتلف هذه الوجبات أو تعرض متناوليها للتسمم، ومن النازحين من يترك الغلاف البلاستيكي الذي يتم تغليف الوجبة عليها دون كشفه، ونشهد خلال هذه الفترة درجات حرارة عالية في منطقة المخيمات وهذا يسبب فساد الوجبات، كذلك قد يكون السبب ناجمًا عن مشكلة خلال عملية النقل أو المطبخ الذي أعدت فيه الوجبات، وبالتالي هناك سلسلة من الأسباب يجب على الجهة المسؤولة توضيحها، كما يتطلب الأمر من الأهالي وضع الوجبات التي يتسلمونها قبل الإفطار في أماكن باردة ونزع الغطاء البلاستيكي عنها كيلا يسبب مشاكل صحية لهم، ومن الأفضل للمنظمات تنبيه النازحين بهذا الخصوص.”
وطالب المنظمات بالتحقق بشكل دقيق من الوجبات الموزعة، فضلاً عن التأكد من السلع التي يتم إرفاقها مع الوجبات لتجنب حادثة كالتي جرت.
ومعظم سكان مخيم (رعاية الطفولة) الواقع في منطقة (دير حسان) هم نازحون قدموا من منطقة (معرة النعمان) في ريف إدلب الجنوبي وانتقدوا طريقة عمل بعض المنظمات في المخيمات التي أدت إلى مثل هذه الحالات، وهي حالات وقعت سابقًا في العديد من المخيمات نتيجة سوء تصرف العاملين.
في سياق متصل علقت وزارة التنمية والشؤون الإنسانية عمل المطبخ الرمضاني لكل من جمعية (شام شريف، وألفة، وطوبى) بعد حالات التسمم الغذائي الناتجة عن توزيع وجبات طعام في مخيمي (الرعاية، وكللي) شمال إدلب، وأحالت الملف إلى القضاء المختص لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأوضحت مديرية الشؤون القانونية في الوزارة من خلال التحقيقات التي أجريت بخصوص حالات التسمم: “بعد توزيع وجبات إفطار تحتوي على أرز وبازلاء ولحم بقر في مخيم الرعاية، الذي نفذته جمعية (ألفة) وهي الجهة التنفيذية لجمعية شام شريف، ظهرت أعراض تسمم غذائي على بعض الأسر بعد تناول الوجبات.
حيث أظهر التقرير الطبي اشتباهًا بالتسمم الغذائي الاعتيادي وسببه فساد اللحم العائد لتعرض الطعام للشمس لفترة تجاوزت الحد اللازم، حيث كان مستلم الوجبة التي تعرضت للشمس أكثر تأثرًا من غيره.”
وبينت المديرية أن التحقيقات أظهرت أن حالات التسمم التي حصلت أيضًا في مخيم (كللي) كانت بعد توزيع جمعية (طوبى) لوجبات طعام على النازحين في المخيم التي تتكون من أرز مغطى بنصف فروج، وأخرى أرز مغطى ببازلاء ولحم بقر، حيث تعرضت بعض الأسر لاشتباه بحالات تسمم ظهرت أعراضها على شكل إسهال وإقياء، وتبين أن من أسبابه فساد اللحم في الوجبات نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وطول المدة الزمنية بين طبخ الوجبات وتسليمها بسبب المسافة الطويلة بين مركز المطبخ وأماكن التوزيع.
وشكلت وزارة التنمية والشؤون الإنسانية لجنة تحقيق خاصة إثر حادثة التسمم، وكلفت مديرية الرقابة القانونية في الوزارة بمتابعة حيثيات القضية ومحاسبة المسؤولين عنها.
وتتكرر حالات التسمم الغذائي في مخيمات الشمال السوري بين الحين والآخر وخاصة في شهر رمضان ويعود معظمها إلى سوء تخزين الطعام.
ونشطت العشرات من المنظمات الإغاثية منذ بدء شهر رمضان في توزيع وجبات الطعام على مخيمات النازحين بمحافظة إدلب، وتوزع الوجبات دون رقابة صحية من قبل الجهات الطبية العاملة في إدلب سواء الوقوف على المواد الغذائية المستخدمة أو كيفية تعليبها وحفظها.
ويعاني قاطنو المخيمات شمالي سورية، والبالغ عددهم أكثر من مليون ونصف المليون نسمة والموزعين على الحدود التركية السورية، من أوضاع سيئة ونقص في الخدمات وسط مناشدات للمنظمات الإنسانية من أجل تخفيف المعاناة عنهم.