نحنُ لسنا إلا فئةً شبابيّة تُمثلُ جانبًا من جوانبِ الحرب ومآسيها.
فئةٌ راهنت على الصمودِ بالرغم من جميع الظروفِ التي أحاطت بها…
تمكَّنت منها بكلِّ قوةٍ وصبر…
فمنا من بقي في وطنه غريباً ومنا من رحلَ وذاق مرارة الغُربةِ بشتى وسائلها ومنا من فشلَ وراهنَ على الاستمرار وتحدّى واقعه، ومنَّا من انهار ساقطاً ولم يستطع أن يُحقّق جزءاً صغيراً من أحلامهِ والكثيرُ منا فقدَ شعورَهُ وأصبح أشبهَ بالموتى، وفئةٌ منا اشترت تذكرةَ موتها بيديها بآلاف الدولارات.
أصبحنا كالدُمى بلا أرواح، تقودنا سفنٌ لا تحملُ رباناً إلى الغدِ المجهول.
قبل سبعةِ أعوامٍ كُنا داخلَ قلبٍ يزخر بالياسمين ويفوح بالسلام وتُحلِّقُ من فوقهِ الأحلام. أحلامُ الشبابِ وعظمةُ الوقارِ ودفء المسنين.
لم ندرك يوماً أنّنا سنُغادرُ هذا القلب ويُنزَعُ منا الأمان، ويتجزأ هذا الوطنُ العزيز ، لو علمنا أنّ الأمانَ سيُسّلَبُ منا لادّخرناهُ بصناديقَ من حديد ولأحّكمنا عليها الإغلاق ليومٍ نمدُّ بهِ أطفالنا ولننّزعَ من قلوبِهم هرعَ الحرب .
في ذاك الوطن لم نكُن إلا ألوانًا قريبةً من بعضها لم يكن هُناكَ اختلافٌ نشعُرُ بهِ لقد كُنا نسمو بإنّسانيّتنا لا بمذاهبنا
ففي وطني يُعانِقُ المسجدُ الكنيسة ويحتضّنُ الغنيُ الفقير، لم نعرف يومًا معنىً للفُرقةِ ولا طعمًا للغُربة.
نحن شبابٌ ننتظّرُ إشراقةَ شمسِ الأمل لنبني ما خلّفهُ حاضرُنا من دمار ولنُثّبتَ لهذا العالمِ أنّ روحَ الشبابِ هي روحُ الوطن وأنّهُ كان ومازال الشابَ السوري مُنذُ اشتعالِ الحرب هو العمود الفقري للقضية، فكانت قضيةُ إفشالِهِ واغتيالِ مُستقبلِهِ من أبرز ما ترنو إليهِ الحرب، وهُنا كان الشابُ السوري على قدرٍ كافٍ من المواجهة، فمع كُلِّ رصاصةِ فشلٍ تُطلَق كانت تُقابِلُها ألفُ رصاصةِ نجاح، لقد حاولوا إفشالَ شعبٍ أسس أعرق مراحلِ التاريخ.
كانتِ المنصةُ الإبداعيّةُ السورية التي أسّستها الشابتان “علا درباس وجوري العسل ” تحت اسم ” “شيزوفرينيا شباب كُتب، فَنْ ،موسيقا ” ، هي الحاضن للمُبدعين ولإبداعهم .… .
فقد انفصمَ عن الحرب كُلُّ شابٍ سوري وأعلن انضمامَهُ لمدينةِ النجاح تطبيقًا لاسم المنصة .
لقد أسّستِ الشابتانِ مدينةَ نجاحٍ جمعتا بها كُلَّ أقطابِ المبدعين ، وهذا ما جعل كُتلةَ الإبداعِ هَذِهِ تظهرُ على العلن بعد تخرُجها من المدينةِ الإبداعيّةِ السورية…
من خلال وجودي في هذه المدينة التي اعتبرها من أجمل المُدن في عالم التواصل الاجتماعي إلا أنها قدمت للكثير من الشُبان والشابات الدعم وكانت خيرَ حاضنٍ لهم بإعطائهم فُسحةً لنعرفهم أكثر ونتطلع على مواهبهم…
هذه المدينة من يعرفها جيدًا سيعرفُ ما قصدتهُ، ومن لم يعرفها سيعرفها من خلال أول عمل ورقي لها بدعم (عُلا) و(جوري) لمواهبَ عِدَّة ومن بينها الكتابة حيثُ بشاعة الحرب التي جعلت من أغلب شبابنا كُتَّاباً……
وما هذا العمل إلا عملٌ واقعي وملموس عن (حكاياتٍ شبابيّة ولمساتٍ إبداعيّة وقصصٍ أخذت من الحرب وكُلّلت بالنجاح جمعوها في هذا الكتاب، وهذا الكتاب هو بدايةُ النجاح ولنّ يكونَ الأخير.
(نصف وطن) هو من سيجمعنا
لم يُسمَّ بـ(نصفِ وطن) انتقاصاً من قيمتهِ وحسب، بل لأننا نملكُ النصفَ الآخر في عالمنا الصغير الذي ذُكر فيه اسم (شيزوفرينيا)
نصف وطن يعرض لنا قصص شبانٍ وشاباتٍ من المبدعين المتميزين الذين مروا بعواقبَ وثغراتٍ وظروف فُرضت عليهم لنراهم بيننا لنجتمع في (نصف وطنٍ) افتراضي وننطلق منهُ الى مُكمِّله في الخارج…
(نصف وطن) سيكون بعدَّة لغات ومن بينها اللغة السويدية والإنجليزية لأنَّ هدفهُ إيصال ما مررنا بهِ إلى من نعيش معهم.
مشاركتي في هذا العمل ستكون من خلال قصة قصيرة كنتُ سأعرضها في رواية لي باسمي ولكن لم تسمح لي الظروف بِنشرها حتى الآن، وكان الفضل لله ومن ثم للقائمين والداعمين ل “شيزوفرينيا” بدعم مواهبنا ووصولها إلى العالم العربي والغربي، وأسأل الله تعالى أن يكون لهم ولنا خيرٌ في عملنا…