عبد الكريم الثلجي |
(مصطفى الجاسم) شاب في الثلاثينيات من عمره نازح من قرية (الواسطة) المحتلة ومستقر في بلدة العيس، وبينما هو ذاهب إلى الصيد فجراً مع أحد أصدقائه على تخوم الجبهة بين الثوار وقوات النظام، وهي منطقة مليئة بالألغام سبق أن حذر الثوار من وجودها مراراً وتكراراً، انفجر لغم أرضي بُترت على إثره ساقه ليُصبح معاقًا، وسبقت حالته قبل شهور انفجار قذيفة على ثلاثة أطفال نازحين في قرية العيس كان يعبثون بها أردتهم قتلى، وهذا المشهد يتكرر باستمرار في بلدة العيس والقرى الأخرى المأهولة بالسكان المتاخمة لخطوط الجبهات مع قوات النظام.
تعمل فرق الدفاع المدني جنوب حلب جاهدة للحد من وقوع إصابات جراء مخلفات الحرب، فقد نظم الدفاع المدني جلسة توعية مع مسؤولي الحماية في مدارس مجمع (سمعان الشرقية) حول مبادئ الإسعافات الأولية والطرق الصحيحة التي يتوجب عليهم اتخاذها عند تعرض المدارس للقصف، بالإضافة إلى أسلوب الإخلاء الصحيح للمدرسة، حيث تحدث لصحيفة حبر السيد (إبراهيم دهان) مسؤول التوعية في مركز الحاضر للدفاع المدني قائلا: “قمنا بحملات توعية تم من خلالها إعطاء المتدربين بعض الإسعافات الأولية، كالنزيف والتعامل معه، وكيفية نقل المصابين بطريقة صحيحة في حال واجهتهم أي حالة إصابة، وتم إعطاؤهم تدريبات عن كيفية عملية الإخلاء الصحيحة للطلاب قبل وأثناء القصف “.
وتابع (الدهان) عن أهمية هذه الدورة بقوله: “الأهمية تأتي من كون مسؤولي الحماية هم على احتكاك يومي مع الأطفال في المدارس، ومسؤولون عن حمايتهم أثناء الدوام وإعطائهم الإسعافات الأولية لحين وصول سيارات الإسعاف ونقلهم لأقرب نقطة طبية”.
و أشار الأستاذ (أحمد الثلجي) مسؤول الحماية في إحدى مدارس بلدة العيس إلى أن “هذه الدورة مهمة جدًا في ظل الانتهاكات المتكررة لقوات النظام لاتفاق خفض التصعيد، وحدوث حالات قصف جوي ومدفعي متكرر، وانفجار قنابل عنقودية ومخلفات الحرب في الفترة السابقة، وهذا يستوجب منا أن نكون جاهزين لأي حادث طارئ، وواجب علينا أن نوعي الطلاب بهذا الموضوع، وبدوره الطالب سيقوم بتوعية إخوته وأصدقائه خارج أوقات الدوام بأهمية الابتعاد عن هذه الأجسام، وإخبار أقرب مركز دفاع مدني بوجوب إزالتها “.
تشمل آثار الألغام ومخلفات الحرب جوانب عدة فالجسدي: كبتر الأطراف، والشلل، وفقدان كامل أو جزئي للبصر، وفقدان كامل أو جزئي للسمع، والجانب النفسي كمعاناة المُصابين عادة من المُخلّفات المتفجرة من خلل أو اضطراب نفسي ناتج عن صدمة الإصابة، أو الآثار الجسدية الناتجة عنها.
وذكر الأستاذ (إبراهيم الحاج) مسؤول المكتب الإعلامي في مديرية الدفاع المدني بحلب أن يوم ٤ نيسان هو اليوم العالمي للتوعية من مخاطر الألغام، حيث إن الدفاع المدني سيكرس هذا اليوم لينشر الوعي المجتمعي عن خطورة مخلفات الحرب، و يعَرِّف الناس بوجود فرق الدفاع المدني المختصة بإزالة هذه المخلفات، بالإضافة إلى نشر بوسترات وإنفوغراف عن الإحصائيات للذخائر غير المنفجرة، وتوعية المدنيين من خطر العبث بمخلفات الحرب، ودورنا ينبثق من ضرورة تكثيف حملات التوعية في جميع المناطق التي تعرضت أو تتعرض للقصف لينتبه الناس إلى خطر هذه المواد .
الجدير بالذكر أن آخر إحصائية لعام ٢٠١٨، يوجد أكثر من ٣٠٠٠ شخص فقد أحد أطرافه نتيجة العبث بمخلفات الحرب حسب الدفاع المدني السوري، وقالت (اليونيسف): ” يوجد ثلاثة ملايين طفل سوري معرضين للموت أو التشوهات، بفعل المتفجرات التي خلفتها الحرب”، وقدَّرت أن ما لا يقل عن 910 من أطفال قُتلوا عام 2017، فيما تشوه 361 آخرين، بسبب مخلفات الحرب في سورية”.