منذ أيام أعلنت إدارة المعابر التركية أنها ستسمح للشاحنات التركية في معبر باب السلامة بالوصول إلى مستودعات التجار داخل سورية لإفراغ حمولتها، واختصار مدّة أربع إلى خمس ساعات من الوقت المهدور لتفريغ البضاعة في المنطقة الحدودية المشتركة وإعادة تحميلها في شاحنات سورية لإكمال إيصالها إلى المستودعات، وهذا سيحقق نشاطًا أفضل للمعبر، وللحركة التجارية.
القرار للوهلة الأولى جيد، ومفيد، وينشط التجارة ويخفف العبء على التجار السوريين والسائقين الأتراك، والتجار الأتراك أيضاً، ولكنه في المقابل يغلق باب الرزق أمام أكثر من مئة شاحنة سورية تُعيل في المتوسط مئتي عائلة، وكذلك الأمر بالنسبة لحوالي مئة عائلة أخرى على الأقل يعمل معيلوها بالتحميل والتفريغ على المعبر.
كارثة إنسانية حقيقية أن تتحول ثلاثمئة عائلة أي ما يقارب (1500) شخص على الأقل من الاكتفاء إلى الإعالة، وتصبح بحاجة مساعدات إنسانية بعد فترة قصيرة إذا ما لم يتم التراجع عن القرار.
إنه من غير اللائق بسلطات الدولة التركية الصديقة للسوريين أن تتخذ قراراً كهذا دون دراسة أضراره على أصحاب البلد، وأن تتعامل مع المنطقة التي تقع تحت نفوذها كسوق تجاري فقط، دون اهتمام لاحتياجات الناس فيه، ولما يمكن أن تسببه بعض قراراتها من مشكلات اجتماعية قد تؤثر على العلاقات بين الشعبين.
قد يكون القرار سليماً لو أن حركة الاستيراد والتصدير بين البلدين طبيعية وفي الاتجاهين، وسيسمح للسائقين السوريين أيضاً دخول الأراضي التركية كما يفعل السائقون الأتراك، أمّا أن يتم التعامل بهذه الفوقية مع السوريين وإصدار القرارات التي تمس سلطتهم على أرضهم دون موافقتهم، وبما لا يحقق مصالحهم، فهذا أمر غاية في الخطورة. ربما يجعل الناس تعيد حسابات الثقة في الأتراك، وربما يفتح المجال لممارسة العنف من البعض تجاه السائقين الأتراك داخل الأراضي السورية كحراك انتقامي ممَّن يعتدون على أرزاقهم.
على من يمتلكون السلطة في المعابر السورية الوقوف في وجه هكذا قرار، أو إيجاد بديل حقيقي للعاملين في مجال الشحن والتحميل، فمسؤوليتهم هي تجاه إرضاء الناس، لا تجاه إرضاء الجار التركي، ومن المخزي والمعيب جداً أن تقوم الشرطة في المناطق المحررة بفض اعتصام لسائقي الشاحنات السوريين بدل حمايتهم والوقوف بجانبهم ومشاركتهم الاعتصام لتحقيق مطالبهم، فالعلاقات مع الحلفاء أو الجيران يجب أن تبنى على أساس المصالح المشتركة، لا مصلحة طرف واحد فقط.
المدير العام | أحمد وديع العبسي