بعد أن سخِرت (الفنانة) أمل عرفة وفريق عمل مسلسل “كونتاك” الذي يُعرض على قناة “لنا” السورية الموالية للنظام من ملايين السوريين وأوجاعهم والجرائم التي حلّت بهم، ليعتبرها سيناريو المسلسل مجرد تمثيل لإثارة التعاطف الدولي، عادت وقدمت نصف اعتذار عمَّا فعلته لتقول: إنها لم تقصد الإساءة لأحد، أو السخرية من أوجاع الناس، دون أن تعتذر عن تزوير الحقيقة الذي قامت بها في اللوحة التي صورت مجازر الكيماوي كأنها تمثيل رخيص يقوم به الناس المحاصرون الذين تُهدم بيوتهم فوق رؤوسهم من أجل استجلاب التعاطف الدولي وإدانة النظام الذي تُؤيده (الفنانة) وزملاؤها، ويقومون هم بالتمثيل الرخيص لتلميع صورته على حساب دماء الناس وأرواحهم.
لا ينفع الاعتذار هنا، لن يردَّ الاعتذار الموتى أحياء، ولن يُجفف دموع الثكالى، أو يُسكت صرخات اليتامى الذين انهال عليهم الموت بكل طرقه، وبقيت مشكلة (الفنانة) في أن تسخر من مجزرة الكيماوي متجاهلة أنها كانت تُمثّل هذه المجزرة فوق أنقاض حقيقية قضى تحتها الآلاف بقصف الطائرات والصواريخ فقط لأنهم أرادوا حريتهم من السجن الذين تُطبل (أمل) لجدرانه وسجانيه.
السوريون يا (أمل) ليسوا رخيصين مثلك لدرجة أن يضعوا المئات من أطفالهم وهم نائمون لتمثيل مجزرة تلتقطها كميرات الشهرة التي تلهثين وراءها، وبكاء الأمهات ليس هيناً علينا لنعيده آلاف المرات كما فعلت من أجل أن يتعاطف معنا من يؤيدون القاتل الذي تحبيه أنت ومن معك، ومُدننا أغلى من أن نُدمرها فوق رؤوسنا الشامخة، فقط لكي نسقط نظاماً تستظلون أنتم بحذائه برؤوس منحنية ذليلة.
لا أدري بأي غباء يمكنكم تصديق كل هذا! أو أي خوف يجبركم على تصديق كل هذا! أو أي حقد وجريمة في نفوسكم على الناس تجعلكم تصدقون كل هذا وأنتم تعلمون أنها افتراء وكذب!
لطالما سألت نفسي ولم ألقَ جواباً، ما الذي يجعل أمثالكم متعطشين للجريمة وللدفاع عمّن يرتكبها؟! إنني أفهم صمت الناس المغلوبة على أمرها، ولكن أنتم من تستطيعون الخروج من البلاد متى أردتم، والذين حزتم الكثير من الأموال بسبب إعجاب الناس بكم، أي أنفس مريضة تمتلكونها لكي يصل بكم الأمر إلى السخرية من الناس وآلامهم؟!
ربما تستطيعين أن تجيبي نفسك الآن عن السؤال الذي صدعتِ به رؤوسنا منذ عشرات السنين، عندما كنت تمثلين فقط دور المغنية التي تستنهض الشعوب لحريتها
وين الملايين؟! في السجون والمعتقلات والمقابر وتحت الركام ومختنقون بالكيماوي وكل تلك الأشياء التي تسخرين منها …
المدير العام | أحمد وديع العبسي