ندى أبو خضر |
بين الجدل والسخرية تتابع حملة (ليرتنا عزنا) غزوها لمحافظات القطر المتهالكة بهدف دعم العملة الوطنية.
فبعد أن أطلقها ناشطون موالون على مواقع التواصل الاجتماعي في سورية، دعوا من خلالها التجار وأصحاب المحال التجارية لبيع بضاعتهم بـ (ليرة واحدة) شريطة أن تكون بالليرة المعدنية ذات القيمة الرمزية.
بداية الحملة كانت في محافظة (حمص) التي لم يكتفِ موالوها بتقديم أبنائهم لسيد الوطن، ليجودوا اليوم بأموالهم.
ومع بداية الحملة بدأت حملة موازية لتمجيد وتعظيم الشعب السوري البطل الملتف حول قيادته الحكيمة الشعب الذي دحر الإرهاب، واليوم سيربح معركة وطنه الاقتصادية.
إنه الشعب السوري حامل لواء التكافل الاجتماعي الذي رفض أن تنصب الخيام على الحدود للأشقاء العراقيين وبعدهم اللبنانيين، فقاسمهم همهم قبل أن يتقاسم معهم اللقمة، باختصار هو شعب الأزمات والمهام الصعبة.
وبما أن الحياة أخذ وعطاء، أما آن الأوان للشعب السوري الموالي على الأقل أن يأخذ باليد التي أعطى بها؟!
الجواب واضح وجليٍ، في سورية الوردية ينتفي مبدأ أخذ وعطاء ليكون أسمى من ذلك وتكون الحياة عطاء بعطاء، لكن دون تبادل الأدوار، فالآخذ واحد والمعطي واحد!
السوري محكوم بالعطاء والعطاء بلا حدود، حتى أصبحت المبادرات التي يجود بها أيام الخير فرض عين، والتقصير بها يحيله إلى صفوف المتقاعسين وضعاف النفوس، وهنا يثار التساؤل: من أين وماذا سيعطي المواطن المنهك على مدار السنوات التسع العجاف؟ هل بقي عند السوري المرابط ليوم كامل على طابور الغاز عزة ليمنحها لليرته؟ كيف لمواطن يُجلد بسياط الفقر أن يدعم اقتصاد بلده المتقاسم من قبل دول وعصابات؟
أجاب عن هذه التساؤلات أصحاب الدكاكين ومطاعم الفلافل والشاورما ليثبتوا للعالم وصنّاع المؤامرات أن السوري (قدها وقدود (وسيُفشل المؤامرة ويذل الدولار، وبدأوا بعرض منتجاتهم بـ الليرة (الحديد)
أقسم صغار تجار سورية بكرامتهم ورجولتهم المنتهكة في أقبية المخابرات أن يعيدوا عزة الليرة، وانتهجوا نهج حزبهم العظيم، حزب الشعارات الخاوية، وأطلقوا شعار المرحلة (ليرتنا عزنا).
حتى أن فناني التطبيل والتزمير لن يكونوا أقل وطنية، وأعلنوا عن حفلاتهم والتذكرة بـ (ليرة).
وعلى مبدأ (ما حدا أحسن من حدا) انبرت فنانات الصف الثاني والصاعدات، وأقسمنَ أن يبصمنَ بصمة شرف في سجل الوطنية المشروخ، ويعلنّ عن حفلاتهم الراقصة على أرض وطن ينزف ولا يجرؤ على الصراخ.
في هذا العرس الجماهيري الذي يعد انتصارًا للوطن وسيده على الإرهاب ودحض المؤامرة الكونية واستعادة الكرامة الوطنية المسفوحة من قبل كل من هبّ على الأرض السورية ودب، نلاحظ غياب أعلام الاقتصاد الوطني وبُناته الحقيقيين وعلى رأسهم شيخ التجار المخضرم (رامي مخلوف) الذي لم يشارك بحملة العز ويتيح الاتصالات بليرة للشعب البطل! هل يحضر لحملة أعمق؟! ربما!!
أما عن غياب المنظّرة الاقتصادية (بثينة شعبان) فلا بد أنها منشغلة بتحضير شروحات لنظرية 2020(الاقتصاد السوري أفضل بخمسين مرة عن عام ٢٠١١) وأبعادها على الاقتصاد الوطني والعالمي.
أخيراً.. إلى الشعب المعطاء الذي أبقى بصمته القاتل على نظام الإجرام، أرجوا الإجابة عن الأسئلة التالية: الليرة عزنا، لكن: (الأرض عزتنا، والنفط حقنا، والمعتقلون والمعتقلات شرفنا، الأرامل والأيتام كرامتنا، والعلَم رمزنا) فمتى ستطلقون حملة من أجل هؤلاء؟ متى ستطلقون حملة لاقتلاع كل علم غريب غزا سماءكم؟!