بقلم عكيد جولي – الحسكة عند نشر كتاب “الأمير” للمفكر والفيلسوف الإيطالي نيقولا ميكافيللي في عام 1532 أي بعد وفاته بخمس سنوات، أثار سخط النقاد والمفكرين والكتَّاب، كما أحدث جدلاً كبيراً في أوروبا، حتى إنَّ النقاد والمثقفين الغربيين وصفوا الكتاب بأنَّه لا يناسب سوى الطغاة والأشرار من الحكام، بالإضافة إلى أنَّ الكتاب أصبح عاراً يلاحق مؤلفه حتى بعد وفاته.ميكافيللي صاحب المقولة الشهيرة “الغاية تبرر الوسيلة” قدَّم كتاب الأمير لـ أمير تولى الحكم حديثاً، وتناول في الكتاب نصائح حول كيفية تشكيل المستشارين والنواب الوزراء في حكومته وكيفية تسيير الأعمال السياسية في البلاد أو في المقاطعة التي يحكم فيها، والهدف من تقديم الكتاب للأمير لورنزو الميديشي كان لتوحيد إيطاليا آنذاك.بعد نشر هذا الكتاب “الأمير” أصبح مرجعاً سياسياً مهما لدى الحكام والطغاة زمن نشره حينذاك وفي عصرنا الراهن أيضاً، حيث يقال إنَّ هتلر كان يضع هذا الكتاب على مقربة من سريره، ولا ينام قبل أن يقرأ الكتاب، كما أنَّ ستالين ولينين أيضاً تتلمذا على يد ميكافيللي وموسيليني الذي اختار “الأمير” موضوعاً لرسالة الدكتوراه في أيام دراسته، وتطول قائمة الطغاة الذين اعتمدوا على كتاب الأمير في تسيير أمور بلادهم والتعامل مع الشعب والسيطرة على عقولهم.ما إن قرأنا كتاب ميكافيلي هذا، وجدنا بأنَّ الطاغية بشار الأسد أيضاً من الحكام الذين اعتمدوا على نصائح ميكافيللي الذي يرى بأنَّ قتل الأبرياء أمر طبيعي من الممكن فعله في سبيل الوصول إلى ما يريده الحاكم، وهذا ما يفعله بشار الأسد.أكثر من 5 سنوات والأسد بعصاباته ومرتزقته الذين يرفعون شعار “الأسد أو نحرق البلد” يقومون بالمجازر والهولوكوستات بحق الشعب السوري الذي ناهض نظامه الظالم، وأعلن عن رفضه لسياسة حزب البعث الحاكم الذي يتخذ من اللغة الواحدة، والعلم الواحد، الطائفة الواحدة مبدأ له.بشار الأسد يعتمد بالدرجة الأولى على مقولة ميكافيللي الشهيرة “الغاية تبرر الوسيلة” أي حرق الشعب والقيام بعمليات الهولوكوست وقمع من يناهضه، كلُّ ذلك أمر طبيعي من وجهة نظره في سبيل بقائه على عرش السلطة.ما إن قمنا بالعودة إلى تاريخ ثورة الشعب الجزائري ضد حكم العسكر في التسعينات من القرن الماضي، وجدنا بأنَّ الأسد يسعى إلى اتباع سياسة السلطة الجزائرية في التعامل مع الشعب الثائر، فالنظام الجزائري عمل على إلصاق تهمة الإرهاب بالشعب الجزائري الثائر، كما استورد الآلاف من اللحى الاصطناعية من الصين، ليتنكر به رجال الأمن في الجزائر وليشاركوا في مظاهرات الشعب ضد السلطة، وقمعت السلطة الجزائرية الشعب الثائر بذريعة الإرهاب، واليوم الطاغية الأسد يحاول إلصاق تهمة الإرهاب بالشعب السوري، ليثبت للعالم بأنَّه يحارب الإرهاب، ويمنح الشرعية لنفسه أمام العالم في قتل الأبرياء.منذ سنوات ما قبل الثورة، حاول بشار الأسد أن يظهر نفسه بمظهر الحامي والمدافع عن أرض سوريا والمقاتل ضد الاحتلال الصهيوني، بالإضافة إلى أنَّه طبَّق نصيحة ميكافيللي الآتية} على الحاكم أن يجمع بين حب الناس وخوفهم منه في آن واحد،وإن تعسر ذلك فعليه أن يتأكد من كونه مخيفاً ومهيباً” لكن الأسد في النهاية فشل في تحقيق مبتغاه، وفعل الشعب السوري ما كان يخشاه الأسد، وإن كان الأسد قد زرع محبته في أفئدة الشعب، لما تظاهر ضده الملايين من السوريين.يقول ميكافيللي في كتابه الذي لاقى صداً واسعاً في كافة أصقاع المعمورة: “الناس يحبون على أهوائهم، ولكنَّهم يخافون بإرادة الزعيم” لذلك على الزعيم أن يكون قاسياً، ظالماً، مكتسحاً وفق ميكافيللي.إذن بشار الأسد أحد تلامذة ميكافيللي، وهو أيضاً لا ينام قبل أن يقرأ كتاب “الأمير” على غرار ما كان يفعله “هتلر”.ولكن ثورة الشعب السوري ستستمر والشعب السوري سوف يحرق الأسد ويبني البلد.