بقلم رئيس التحريرتتصدر روسية المشهدين السياسي والعسكري بعد تنامي دورها في منطقة الشرق الأوسط وفي سورية على وجه التحديد، وتمسك بالمقود المحرك بعد فسح المجال لها وتعبيد الطريق أمامها، وهذا ما دفع فلاديمير بوتين إلى أخذ الدور الأمريكي والدعوة إلى إنشاء ائتلاف في سورية لمكافحة الإرهاب. ويرى مراقبون أن دور الولايات المتحدة الأمريكية أمام الصعود الروسي يمكن أن يوصف بالتراجع أو بالانسحاب التكتيكي المدروس الذي يعني أقل الخسائر، لا كما هو معروف في قاموس السياسة العربية بشكل عام وفي قاموس الجيش الفارسي السوري بشكل خاص!وهذا عائد كما لم يعد خافيا إلى مميزات فترة حكم أوباما المراقب للأحداث عن بعد والمتبني سياسة (اللا بوشية) كما يحب بعض الأمريكيين تسميتها. وأمام هذا الانسحاب وتنامي الحضور الروسي بقوة، خاصة بعد أن أعلنت روسية نيتها عن توسع تدخلها في سورية وإنشاء قاعدة ثانية في منطقة (الشعيرات) لتربط فيها خمسين طائرة، إضافة إلى قوات للاستخبارات والخدمات الخاصة بحسب صحيفة التايمز، أمام هذا كله يشعر حلفاء الأمريكان ببعض القلق مما يجعلهم يتجهون إلى روسية، تلك القوة العسكرية والسياسية الصاعدة، ليعبروا عن إعجابهم بها أو حبهم لها، وليستمدوا منها (المدد).ينطبق هذا الكلام على أولئك الذين سارعوا إلى تعزية روسية بالطائرة التي أسقطتها مقاتلة تركية بعد أن اخترقت المجال الجوي التركي، وعدوا دفاع تركية عن سيادتها عملًا إرهابيًّا، وينطبق أيضًا على بعض أكراد سورية الذين عملوا وما يزالون على تقوية علاقاتهم بالروس في سبيل دعمهم بالمال والسلاح متناسين طائراتهم التي تمطر أطفال بلدهم بالصواريخ والحمم!ما نريد التركيز عليه هنا هو الإجراءات التي اتخذتها دولة الاحتلال الإسرائيلي بعد التدخل الروسي، ونظرة اليهود إلى روسية وبوتين الذي يحضر اسمه كل جمعة على منبر الجامع الأموي في دمشق ويُذكر أكثر من ذكر الأنبياء وعباد الله الصالحين!جميعنا يذكر ذلك اللقاء الذي جرى في أيلول الماضي وجمع بين نتنياهو وبوتين، حيث قدم الأخير مخططه العسكري في سورية كما يقدم التلميذ الخجول وظيفته لأستاذه الكبير، وعرض عمليات التنسيق العسكري بين البلدين لتجنب حدوث الاصطدامات والاشتباكات في سماء قلعة الصمود وحصن الممانعة الأخير، ولذلك لا نستغرب إعلان دولة الاحتلال على لسان وزارة دفاعها أن الطائرات الروسية اخترقت المجال الجوي الإسرائيلي غير مرة ولكن التنسيق المشترك منع الاشتباك.هذه التصريحات والمشاهد التي تغيب عن شاشة النظام (المهنية) التي استنكرت خرق واختراق سيادتها ( ولا نريد أن نستخدم كلمة غيرها) أكثر من مرة، تجعلنا نجري مقارنة بين الطائرات التي تلعب في الأجواء السورية والإسرائيلية وبين تلك التي اقتربت من الحدود التركية فأسقطت.وخير لنا أن نلفت الانتباه أيضًا إلى تلاقي اليهود مع الفرس الإيرانيين إذ إن الموقفين واحد، وقد عبر عنه رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني حين صرح “أن إيران راضية عن استخدام روسية لبحر قزوين لأغراض عسكرية، وأنها تؤيد الموقف الروسي، وتقوم بمساعدة موسكو”.لذلك كله لا نستغرب إن علمنا أن نتنياهو قد وضع علامة الـ 10 في دفتر التلميذ بوتين الذي وقف أمام أستاذه الكبير خجلا في باريس أثناء مؤتمر الأمم المتحدة لتغيير المناخ!