“الفن بالنسبة إلي احتراف ومصدر مهم وملهم وليس مجرد هواية، نجاح معرضنا أنساني عذاب العمل بلوحات الفسيفساء” جمل رددتها الرسامة “ختام جاني” و”فاطمة زيدان” عقب انتهاء معرضهما للفن التشكيلي بعنوان: (تحية إلى العاصي) الذي أقامته منظمة “ستارت بوينت” منذ أيام قليلة، واستمر ليوم واحد، وذلك لأول مرة في مدينة جسر الشغور تزامنًا مع حملة /16/ يوماً ضد العنف.
جاءت تسمية المعرض وفق ما أوردت “جاني” وفاءًا منها لمدينتها التي تعتبرها تعاني من شح في النشاطات الثقافية والفنية، حاكت في لوحاتها الجمال في كلِّ ما حولها، وأكدت أنَّ مدينتها -جسر الشغور-ما زالت جميلة رغم كل ما حلَّ بها من دمار وخراب خلال الحرب السورية وبفعل القصف الجوي من جهة، وكون محورها يتكلم عن نهر العاصي من جهة أخرى.
أمَّا عن الهدف الأساسي من إقامة المعرض في اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة قالت: “فاطمة زيدان” المشرفة على المعرض والمشاركة ببعض من لوحاته: “أردنا إثبات دور المرأة وإصرارها على الصمود والبقاء رغم كلِّ الظروف الصعبة المحيطة بها في الداخل السوري الخارج عن سيطرة نظام الأسد”.
من جهتها أضافت “جاني” التي أتمت دراستها منذ زمن بمعهد للفنون في مدينة إدلب تلاه تعلّمها بمركز الفنون التشكيلية في اللاذقية قسم (نحت وتصوير)، أنَّ هدفهما أيضًا هو إثراء المناطق المحررة بالنشاطات الثقافية المفتقرة والمتعطشة للثقافة بآن واحد وسط أجواء حرب ضبابية قاهرة أثبتت خلالها المرأة قدرتها على العطاء والإبداع في شتى مجالات الحياة.
بلغ عدد اللوحات الفنية الموجودة في المعرض /35/ لوحة، ستة منها لوحات فسيفساء من عمل “زيدان” جسدت فيها الحارات القديمة والجامع الأموي وتراث المرأة السورية، والبقية لوحات زيتية وأخرى مرسومة بالفحم، وبحسب “زيدان” أنَّها اختارت العمل بالحجارة كونها غير قابلة للتلف مهما طال الزمن إلا بحال كسرها.
بينما تحدثت “جاني” أنها بقيتْ تحضِّر للمعرض سنة كاملة تقريبًا، ولديها لوحات تعد نتاج أكثر من ١٣ سنة، منها قديم ومنها حديث، وكلُّ لوحة زيتية تأخذ وقتا حسب موضوعها ما بين 7 إلى 10 أيام، إلا أنَّ لوحة الفحم وقتُ إعدادها أقل، وبالنسبة إلى أسعار اللوحات فإنَّه يترواح بين 50-100-300$.
وبالنسبة إلى تسويق اللوحات أوضحت “جاني” أنَّ بيعها ضروري سواء كان بغية الاستمرارية أو لانتشار الأعمال أو النفع المادي، وقبل الثورة كانت تبيع لوحاتها في معارض مدينة اللاذقية، وبعد اندلاعها باتت تبيعها للمنظمات، وكان آخرها بيعها 4 لوحات لمنظمة ما أرسلتهم إلى بريطانيا وتم بيعها في لندن.
وعمّا إذا كانتا فاطمة وختام تفكران بالقيام بأعمال مماثلة بعد محاولتهما اجتياز الصعوبات التي اعترضتهما ولاسيما غلاء أسعار اللاصق (الشعلة) لأحجار الفسيفساء أو صعوبة تأمين المواد إما لغلائها أو لفقدانها ضمن المناطق المحررة،
أكدت “جاني” أنَّها مستقبلًا ستقوم بالتجهيز لتأسيس مركز للفنون التشكيلية في مدينتها جسر الشغور داخل مرسمها الخاص، يكون على شكل ورشات تدريب، وإذا كُتب لها النجاح ستخطط لمعارض فنية جماعية.
بدورها أشارت “زيدان” عن حتمية قيامها بأعمال مطابقة على اعتبار أنَّ تجربتها المتواضعة كانت مميزة وممتعة بقدر دقة العمل التي تحتاجه أثناء رسم الوجوه بالأحجار الصغيرة لإضفاء الجمالية المطلوبة.
ويبقى التشجيع مع المدح والثناء اللذان رافقا فاطمة وختام ممَّن حضر المعرض أو شاهده فيما بعد الحافز الأكبر والدافع الأقوى لإيصال رسائل عميقة المعنى تشرح أوضاعنا إلى متذوقي الفن في العالم عامة، والمهتمين بالمناطق المحررة خاصة عبر لوحات فنية توحي بالأمل المنبثق من قلب الألم.