كان الهدف الرئيس لعملية درع الفرات هو طرد التنظيمات الإرهابية من المنطقة السورية المحاذية للحدود التركية، وإفشال المشاريع الانفصالية لحزب pkk الإرهابي.
لكن بسبب تشابك المشاريع الدولية، وتقاطع المصالح وتضاربها بين اللاعبين الكثر في الساحة السورية، لم تحقق درع الفرات جميع النتائج المرجوة منها، فمثلا كان من المفترض أن يتم تحرير ما مساحته 5000 كيلو متر، لكنها لم تحرر سوى 2000 كيلومتر، فكان لزاما أن يتلو السيفُ الدرعَ، لتحقيق النتائج المرجوة.
وبما أن المنطقة المستهدفة من العملية الجديدة هي عفرين، وجب علينا أن ننبه إخوتنا الثوار والمدنيين إلى نقاط جوهرية:
1- الكورد قومية مسلمة لها تاريخ عريق، منهم الصحابي الجليل أبو ميمونة جابان بن ساباط رضي الله عنه، ويعود تاريخ دخولهم الإسلام إلى عام 20 هجري، أيام خلافة الفاروق رضي الله عنه.
2- خرج من الكورد العديد من الشخصيات المؤثرة في التاريخ الإسلامي كأمثال فاتح القدس صلاح الدين الأيوبي، والقاضي المؤرخ ابن خلكان، وشيخ الإسلام ابن تيمية.
3- كان الكورد جزءاً مهماً في كل دول الخلافة الإسلامية، إلى أن ابتليت الأمة بالمنهزمين نفسياً والخونة من عملاء الدول الاستخرابية الغربية، الذين بدأوا فتنة الدعوات القومية، حينها كان الكورد ضحية للعنصرية والإبادة على مذبح التعصب القومي.
4- استغلت الدول الاستخرابية الغربية المظلومية الكوردية، ونجحت بعقليتها البراجماتية بتحويلها إلى ورقة ضغط تبتز بها الحكومات الوظيفية التابعة لها في منطقة الشرق الأوسط، وهذا يفسر تقلب علاقة أميركا بالأحزاب الكوردية ما بين الفتور، إلى الدفء، فالسخونة، والعكس.
5- استطاع حافظ الأسد عبر الاستفادة من تجربة حزب البعث العربي الاشتراكي، أن يسرق القضية الكوردية من أهلها، وأن يساهم باللعبة العالمية لسلخ الكورد عن دينهم ووضعهم حاجز صدٍّ بمنتصف ساحة الصراع الدولي.
فحين ازدادت وتيرة الصدام بين حافظ الأسد وتركيا أواخر سبعينات القرن الماضي، أسس حافظ حزبا قوميا كورديا، شيوعي العقيدة، علماني الطرح، اشتراكي المذهب، هو ما يعرف بحزب العمال الكوردستاني (pkk) يقوده كوردي نصيري هو المدعو عبد الله أوجلان، وساهم الأسد في تحويل أوجلان وحزبه إلى رمز للقضية الكوردية، حتى ينساق الكورد خلفهم عاطفيا، ويصبح الحزب ورقة ضغط قوية على تركيا.
وفعلا أدَّى البعث الكوردي (حزب pkk) مهمته كأفضل ما يكون، وخلق دوامة من الصراع الدموي، كان الشعب الكوردي فيها هو الخاسر الأكبر.
6- في بداية الثورة يوم خرجت كل سورية بقومياتها وطوائفها لتسقط نظام الأسد، لجأ بشار إلى استعمال شبيحة pyd الفرع السوري لحزب pkk للتشبيح على الإخوة الكورد، ثم لاحقا قاموا بركوب موجة الثورة، لحرف الإخوة الكورد عن المسار الثوري العام الذي يسعُ الجميع، لصالح مشروع الـ pkk الانفصالي الضيق، والمعادي لخط الثورة ولمحيطها.
7- لاحقا أتت داعش خنجر الغدر المفضل لدى النظام الدولي، واستفادت من إجرام إخوانها في الـ pkk، لتروّج لدعاية سوداء تدعم شيطنة الكورد وفصلهم عن دينهم، وخرجوا علينا بعبارات كالملاحدة الأكراد، وغيرها من دعايات تقتضي تشويه الكورد.
8- ولكل ما سبق أدعو إخواني من الثوار، والكورد الذين يعانون من احتلال الـ pkk، إلى فتح صفحة أخوّة جديدة، وتناسي الماضي الذي سوّده عن قصد عملاء أعداء ثورتنا، وأخص إخواني الثوار أن يستوصوا خيراً بأهلنا في عفرين وما حولها، وألا ينجروا خلف دعوات الثأر، ودعاوى العصبية القومية، وأن يراعوا الفروق الاجتماعية وخصوصية المجتمع في عفرين، وأن يكونوا سفراء يرقون إلى مستوى عظمة ثورتنا وتضحياتها.
وأكاد أجزم أن أهلنا في عفرين يتحرقون شوقا لملاقاة أبنائهم وإخوانهم في الجيش الحر، وسيكونون لهم خير معين على تطهير ربوع عفرين من دنس الـ pkk أذناب البعث المجرم.
الثورة السورية بحاجة إلى شراكات دولية وتحالفات إقليمية تقوم على مبادئ التقاء المصالح، في الوقت نفسه علينا ألا ننسى أن معركتنا المصيرية هي إسقاط نظام بشار الأسد بكافة أركانه، ومحاسبة مجرميه، لا نحيد ولا نفاوض على هذا الهدف، ولنتذكر ذلك جيدا، حتى لا نخلط بين أولوياتنا، وأولويات حلفائنا.