تشهد الأرض السورية هذه الأيام صراعاً لبسط النفوذ على الأرض من مختلف الفصائل العسكرية، وكلُّ فصيل وراءه مشروعه والدول التي تدعمه.
توقف النظام وحلفاؤه عن القتال في الشمال ريثما تنتهي الفصائل من اقتتالها الداخلي لكيلا يوحِّد شعور المقاتلين تجاهه، وليمنحهم الوقت ليتفرغوا لبعضهم، بينما يرتكب في الغوطة مذبحة كبرى تجاه المدنيين قبل العسكريين.
قوات درع الفرات والقوات التركية أيضاً تخوض معركتها في عفرين على مهل، وقد استطاعت وصل المناطق المحررة في الشمال بشريط حدودي ضيق.
كلُّ ما يجري على الأرض ينبئ أن عام 2018 عام ترسيم الحلِّ بين الأطراف المتصارعة على الأرض السورية، ليحصد المواطن السوري فقط النتائج، وليكون هو الضحية فقط.
تحولت جميع القوى السياسية والعسكرية إلى بيادق بأيدي اللاعبين الكبار دون تمييز بينها، روسيا وإيران من جانب، وتركيا من جانب آخر، والولايات المتحدة تقف في المنتصف تقريباً وهي تلوح بورقة المليشيات الكردية كورقة جاهزة للعب في أي لحظة ضمن كل الاحتمالات التي تحقق أفضل مصلحة، ولجميع الأطراف التي تودُّ إقامة حلف ما مع صاحب الورقة.
الكيان الصهيوني والأردن يبدو أنهما حسما مسألة الجنوب السوري، ولم يتبقَّ سوى الاتفاق مع إيران عن طريق مصر وروسيا من أجل ضمان عدم الوجود الإيراني – الشيعي في المناطق الجنوبية أو بالقرب منها.
كل ما سبق هو معلومات متداولة، لكن المهم هو ماذا يمكن أن نفعل تجاه جميع التحديات القادمة، التي يأتي في مقدمتها إمكانية خسارة جميع المناطق المحررة شمالاً وجنوباً؟! كيف يمكن أن نبني توازنات أو أن نضغط تجاه بنائها بين القوى المتصارعة المحسوبة على المعارضة ليكون لها موقف يحفظ وجودها ووجود مناطقها، وقد بدأت بوضوح تنفيذ أجندات يتضح أنها لا تقرأ مآلاتها؟!
كيف يمكن أن نثق بقوى وظيفية، وبإمكانية تغيير وجهتها نحو المصلحة العامة للشعب السوري؟! وكيف يمكن أن نتعامل معها وهي تتصرف وفق مصالح لا تعني الشعب السوري، ولا يمكن أن تحقق له ما يطمح إليه من العدالة والحرية؟! كيف يمكن أن نتعامل مع ما تبقى لنا من حلفاء ومصالح مشتركة ضيقة لكي تكون حجر أساس نحاول البناء عليه؟! كيف يمكن لنا أن نكون فاعلين حقيقة، وليس مجرد طارحي أسئلة أو منتظرين للنتائج، أو منشغلين بهمومنا الخاصة بعيداً عن هموم الوطن الذي سيلقي علينا ثقله عاجلاً أم آجلاً؟
لا أطمح لتقديم إجابات هنا، بل لنتشارك خطوات قادمة لابدّ منها، أو نسقط جميعاً ونبقى خارج الأرض التي يتصارع عليها الجميع إلا نحن.
المدير العام | أحمد وديع العبسي