ينتظر معظم أهالي مدينة إدلب شهر الخريف؛ لأنَّه موعد قطاف الزيتون في المحافظة التي تشتهر بزراعة شجر الزيتون، وينتظر معظم الأهالي هذا الموسم من أجل كسب مؤونتهم من الزيت والثمر، لكن كيف كان موسم الزيتون هذه السنة؟ وما هو سبب غلاء زيت الزيتون الذي لم نعد نراه على مائدة الفقراء؟ وهل سيكون الزيت هذه السنة غالي الثمن كما كان في السنة الماضية؟
قامت صحيفة حبر الأسبوعية بإجراء عدة لقاءات مع أصحاب شجر زيتون وبعض العاملين في مجال زيت الزيتون وكانت اللقاءات التالية:
يقول (أبو أحمد) صاحب كرم زيتون: “بدأنا نجني ثمار الزيتون في أول الشهر الحادي عشر، الموسم هذه السنة متوسط بالنسبة إلي، لكن معظم الشجر لم يتم الاهتمام به بسبب غياب أصحاب الأرض الأصليين، لأنَّ الشجر يحتاج إلى عناية كالتسميد، وتقليب التربية، ومعالجة الشجرة بالدواء إن أصابتها دودة على سبيل المثال، وأيضاً سقاية الأشجار بماء الخزانات”.
يقول (أبو عمر) عامل يقطف الزيتون بالأجرة: “للأسف كنَّا سابقاً نأكل زيت الزيتون، وكان لا ينقطع من بيوتنا لأننا نعتبره إداماً، لكن اليوم أصبحنا نشتري الزيت المغشوش؛ لأنَّ ثمنه أرخص بكثير من زيت الزيتون الأصلي، في السنة الماضية كان سعر صفيحة الزيت بمثل هذا الوقت 17ألف ل.س لكن اليوم وصل سعرها إلى 26ألف، من منَّا اليوم يستطيع دفع هذا المبلغ الكبير نسبياً في ظل قلة العمل؟!
أعتقد أنَّ السبب الرئيسي لغلاء زيت الزيتون هو مضاربة التجار وتصديره إلى الخارج، إلى تركيا أو إلى مناطق النظام”.
وقد التقينا أبا محمود أحد التجار ممَّن يتضمن أراضي الزيتون: “ضمان الزيتون يحتاج إلى خبرة في تقدير كمية الحمل في الأشجار، فمثلا ينزل الضمَّان إلى الأرض وينظر إلى الشجر ويقدر كمية الحمل على الشجرة، ثم يضرب عدد الأشجار بالكمية المتوسطة للحمل، ثم يعطي لصاحب الأرض سعراً عن الطن الواحد، في أول الموسم كان يضمَّن الطن الواحد من الزيتون بـ 400 ألف ل.س لكن بعد نزول سعر الزيت أصبح سعر الطن الواحد 35 ألفا، الضامن يضمن وزن الزيتون وليس له علاقة بعدد الشجر، فإما أن يخرج الضامنُ بمربح مع تنكتين من الزيت، أو يكون قد كسب نزهة في الأرض.
بالنسبة إلى تسويق الزيت بشكل عام فهو يباع ويشترى بسهولة، وإن شئت تستطيع بيع الزيت لصاحب المعصرة، واليوم يقدر سعر الصفيحة بـ 55 $”.”
(كمال غفير) صاحب معصرة زيتون حديثة يقول: “نحن ستة أخوة نشترك على هذه المعصرة، يبدأ المزارعون بجلب ثمر الزيتون في منتصف الشهر العاشر تقريباً، لكن أهالي إدلب يجلبون الزيتون بعد نصف الشهر الحادي عشر تقريباً ويبقى حتى نهاية السنة، بينما يكون جني الزيتون بمنطقة سلقين في منتصف الشهر الثاني عشر حتى كانون الثاني.
اختبار الزيت الأصلي يكون في المخابر، لكن هناك طريقة بسيطة لمعرفة جودة الزيت وهي بطريقة تعريضه لحرارة بسيطة، فإن كانت رائحته طيبة فهو جيد.
بالنسبة إلينا في المعصرة نأخذ مبلغ 100 ل.س على كل عشر كغ زيتون، وثمن الصفيحة المعدنية أو (التنكة) يدفعها صاحب الزيت، ويبقى البيرين لصاحب المعصرة وهذا متعارف عليه.
هناك فرق بين العصر على البارد والعصر على الساخن، فالعصر على البارد يتم بعد جرش الزيتون مباشرة، صحيح أنَّ طعمه طيب لكن تبقى كمية كبيرة من الزيت في البيرين ولا تخرج منه.
أمَّا العصر على الساخن فإنَّ الزيتون المجروش يوضع في حوصلة حولها ماء دافئ بدرجة حرارة 38 ثم يعجن مدة ساعة، ثم يتم عصره، وهذه أفضل طريقة للعصر؛ لأنَّها تخرج أكبر كمية من الزيت بعد عجنه ولا يبقى في البيرين إلا نسبة قليلة جداً من الزيت.
أمَّا بالنسبة إلى استخراج الصابون من الزيت، فإنَّه يمكن استخراجه من عكر الزيت أو ممَّا تبقى من زيت في البيرين بعد وضعه تحت درجة ضغط عالية، لكن اليوم لم يعد يأتي من يشتري البيرين لاستخراج زيت الصابون بسب غلاء المواصلات، فأصبحنا نستخدمه للتدفئة، ونستخدم قسماً منه لتسخين الماء، وهو أوفر وحرارته مرتفعة ولا يوجد له رائحة مزعجة عند حرقه.
الأسيد في الزيت تعني الحموضة فيه، وكلما ارتفعت نسبة الأسيد في الزيت كان نوع الزيت سيئا؛ لأنَّ النسبة الطبيعية من الأسيد في الزيت يجب أن تكون من 2إلى 3 %، وإذا بقي الزيتون على الشجر فترة طويلة أيضاً فإنَّ نسبة الأسيد سوف ترتفع بسبب الزبابة.
أفضل طريقة لحفظ الزيت هي في الصفيحة المعدنية؛ لأنَّها لا تتأثر بالحرارة أو الضوء، أما البلاستيك عندما يتعرض للضوء والحرارة فإنَّه يعطي طعماً للزيت، فيغير طعمه الأساسي”.
لكن ألا يجب على المسؤولين في محافظة إدلب تخفيض سعر زيت الزيتون من خلال منع تصديره إلى الخارج لفترة مؤقتة حتى يعود ويدخل إلى كلِّ بيت بسعر مناسب كما كان في السابق، ثم يسمح بتصدير الفائض منه؟