يمامة أسعد |
كنت وكثيرٌ مثلي، أظنّ أنّ المخيماتِ تغرق بالمساعدات، إلى أن شاهدت بعيني ما آل إليه حالهم، فمخيم التنمية الذي سماه المسؤول عنه ” المخيم المنسي ” ، يقع في أرض زراعية تابعةٍ لمخيمات أطمة ، جنوب النهر ، مقابل جب الخيار ، مساحتها تبلغ 10 دونمات ، ضَمانها يصل الى 1375000 ل.س ، يٌفرض على كل خيمة 15000 ل.س ومجموعها لا يكفي المبلغ .
سكان هذا المخيم من مناطقَ عديدةٍ منها كفر عويد التابعة لجبل الزاوية، وحماه، وريف حلب، ودير الزور، وحمص، والرقة، وهم محرومون من أدنى مقومات الحياة، يبلغ عدد سكان هذا المخيم 1400 نسمة يشكل الأطفال القسم الأكبر منها، يبلغ عدد الأيتام 22 يتيماً، لا يجدون لهم معيلاً، كما يبلغ عدد الأرامل 11 أرملةً ينتظرون مساعدات لن تأتي.
كيف يقضي سكان المخيم أوقاتهم؟
انتظرت ممن أسأله أن يشرح لي الكثير عن أعمالهم، وكيف ينطلقون في هذه الحياة الصعبة، إلا أنني صدمت بقوله وهو يضحك، ” أكيد مو سيران ولا نزهة، للأسف، ولكن عملهم الحقيقي الذي يأخذ جلّ وقتهم هو تنظيف الوحل، وتنشيف الماء، الذي يتجدد مع جو الشتاء “
أما البرد القارص الذي نخر عظامهم فقصة أخرى، فهم لا يجدون ما يقيهم برد الشتاء ، سوى أغطية رقيقة لا تغني شيئاً، والذي يملك العزيمة يجمع قليلاً من الحطب ، ليوقدها في تنكة ، وإن لم يجد فقليل من الأحذية تفي بالغرض ، وربما أكياس النايلون تساعد أيضاً.
أما النتيجة، فهي مرضٌ صدري بات يشكو منه كل أهالي المخيم، وباتوا عرضةً للأمراض من رشحٍ وزكام وأغلبهم أُصيب بالربو والتهاب القصبات، حتى لا تكاد تخلو خيمة من جهاز رذاذ لعلاجهم.
تأسس هذا المخيم في 12/8/2014 من قبل جمعية التنمية والبر في لبنان ، إلا أنهم قطعوا الدعم بسبب ظروفهم ، وبات أهل المخيم يقطنون في خيم بالية ، يرقعونها ببعض “الشوادر” .
لا يوجد لديهم نقطة طبية ولا سيارة لنقل المرضى، أما المدرسة فقد كانت جهداً شخصياً من أهالي المخيم، ورغم افتقارهم إلى الكثير من الأشياء ومن أهمها الكتب.. فهم يحاولون الاستمرار بها ما أمكن، ورغم كل شيء يرسل الاهالي أطفالهم، ويشجعونهم مع قليل من العناية بهم، دفاتر بسيطة وأقلام مكسّرة وقلة كتب.. ونجاح يبهر المعلمين.
أيتامٌ وأرامل ومعاقون.. ليس لهم معيلٌ، ينتظرون مساعداتٍ لا تأتي.. ويقبعون تحت أغطية رقيقةٍ لا تقيهم برد الشتاء فمن سيغيثهم؟!