لقاء غسان أبو عبد القادرقامت صحيفة حبر بزيارة رسمية إلى بنك الدم والأمراض الوراثية الكائن في حلب المحررة، وذلك بعد ستة عشر يوما من افتتاحه أمام المرضى.والتقت بالطبيب المسؤول عن المركز ودار بينهما الحوار الآتي:
- نشكر بداية رحابة صدركم على إعطائنا فسحة من وقتكم لطرح بعض الأسئلة عن مركزكم الطبي وآليات العمل فيه، حبذا لو نتعرف إلى حضرتكم؟
- الدكتور حسن القسوم طبيب أطفال عام.
- من أين برزت الحاجة لهذا البنك؟
- من وجود عدد كبير من حالات التلاسيميا بين الأطفال، وهو السبب الرئيس الذي حفَّزنا لافتتاح مثل هذا المركز، إضافة إلى معاناة الأهالي في المناطق المحررة من عناء السفر وما يكابدونه من استغلال وخوف في مناطق النظام حيث يقع بنك الدم الوحيد المختص بأمراض التلاسيميا في حلب الجديدة، والذي أغلق أبوابه وفرَّ كادره لقرب الاشتباكات من مكانه
كما أنَّ الحاجة الماسة لأكياس الدم هي الدافع المباشر لافتتاحه، وذلك لتغطية الكمية المطلوبة، وخصوصا عند فتح جبهات قتال مع النظام، وعقب قصف المدنيين العزل وما ينتج عنه من فقدان كميات كبيرة من الدم في بعض الحالات وعامل السرعة وأهميته في توفير وتعويض الجسم للنقص الحاصل.
- متى تأسس هذا البنك وبرعاية من؟
- تاريخ التأسيس هو 5/5/2015 والمركز مجهز بدعم وتوجيه من مديرية صحة حلب التابعة للحكومة السورية المؤقتة، وبدأنا العمل منذ أسبوعين تقريبا بفضل الله
- حبذا لو تعرفنا بمرض التلاسيميا بما أن حالات الإصابة به كبيرة.
- هو مرض ناتج عن خلل وراثي يؤدي إلى نقص حاد في إنتاج بروتينات خاصة بالدم تسمى {الجلوبين} وهو المكون الرئيسي {للهيموجلوبين} ونقص هذه المادة يؤدي إلى فقر الدم وتكسر سريع في خلايا الدم الحمراء، ممَّا يعني نقص الأوكسجين لمختلف أعضاء الجسم.
وقد أجاب الطبيب متأسفا على عدم إمكانية الشفاء من هذا المرض، وأنَّ مريض التلاسيميا مضطر لإجراء عملية /نقل الدم/ بشكل دوري مدى الحياة كل 3-4أسابيع.وإنَّ عمليات زرع نقي العظام غير متوفرة في الوقت الراهن التي تساعد المريض نوعا ما في مقاومة هذا المرض.كما أنَّ لها سلبيات، فهي تضعف مناعة الجسم وتجعله عرضة للأمراض والإصابة بما هو أخطر، لتناول المريض المزروع له أدوية مثبطة للمناعة.ويعتبر الدواء الطارد للحديد أهم الأدوية لمريض التلاسيميا، وهو متوفر والحمد لله،وأكَّد الطبيب على أهمية التحاليل للدم قبل الزواج وما تلعبه هذه التحاليل من وقاية للأطفال مستقبلا.
- كيف يتم التأكد من سلامة الدم وعملية نقله وحفظه في المركز؟
- قبل أن تتم عملية قطاف الدم تؤخذ عينة من المتبرع ويتم فحصها على جهاز الفحص السريع، ومن خلال (بلاكات) هذا الجهاز تظهر لدينا نتائج أهم الأمراض/الإيدز-والتهاب الكبد الوبائي/
وعندما تكون النتيجة إيجابية والعينة سليمة يتم قطاف الدم وحفظه في برادات ضمن درجة حرارة معينة وبإشراف مخبري دقيق.وفي حال كانت النتيجة سلبية يتم فحص العائلة بكاملها، وإجراء اللازم لها، وإن أمكن معالجاتها.
- ما هو حجم الكوادر العاملة وخبراتها، وماهي التجهيزات الموضوعة بالخدمة؟
- في المشفى طبيب أطفال، وأقوم بهذا الدور أنا وطبيب زميل يتولى المخبر، وقريبا سيكون هناك قسم للمعالجة والعناية النفسية، كما يوجد عدد من الممرضات وموظفي الاستعلامات
هذا من ناحية الكوادر البشرية، أمَّا من ناحية التجهيزات فالمركز يحتوي على مخبر بأدوات وأجهزة كاملة وبرادات لحفظ /اللقاحات والدم/الخاصة بالمرضى، وعدد من الأسرَّة وبعض وسائل الترفيه والهدايا لكسر الملل والروتين والخوف الموجود لدى الأطفال. وهناك سيارة إسعاف مجهزة لنقل الدم وإسعاف المرضى، وهي في خدمة البنك والمرضى.
- ماهي الخدمات التي يقدمها بنك الدم حاليا؟
- يقدم التحاليل، وخصوصا المتعلقة بالأمراض الدم الوراثية، وكذلك التشخيص العام للأطفال، كما أنَّ جوهر العمل هنا هو عملية /نقل الدم/ وذلك لأهميته لمرضى التلاسيميا، كما يتوفر لدينا مخزون من الدم لتقديمه للمشافي عند الحاجة.
- وفي سؤال ما هو معدل المرضى وسطيا في كل يوم؟
- قال الطبيب: “هناك من 6-8 مرضى يزورون المركز يوميا، بينما كنَّا نتوقع من 17-20بين مريض وحالة مراجعة، وذلك قياسا على ما رأيته في مشفى الأتارب من خلال عملي فيه منذ فترة والمتوقف حاليا، فهذا المشفى كان يعوده حوالي خمسين حالة يوميا لمرضى التلاسيميا من الريف الجنوبي فقط.
ولكن حداثة المركز وضعف التغطية الإعلامية والتغير الديمو غرافي للسكان أدَّى إلى إهمال الكثير من المرضى ممَّا يشكل خطر على حياتهم.
- هل ثمَّة كفاءات للعمل في هذا المجال، وما هي أهم المشاكل التي تواجهكم؟
- أكَّد الطبيب حسن على وجود كفاءات خبيرة ومتميزة وقادرة على إعطاء المزيد لهذا الشعب المكلوم، إلا أنَّها تفتقر للبنية التحتية الطبية، وهذا ما نعاني منه بهذا المركز حيث أنَّ الحصول على جهاز أمر صعب ويستغرق شهورا، وصيانة بعض الأجهزة يقتضي شحنه لإحدى المدن التركية كعنتاب ويترتب على ذلك تكاليف مادية وزمنية باهظة بالنسبة إلينا.
كما دعا الطبيب لنشر ثقافة التبرع، وذلك لمساعدة أطفالنا وأهلنا وأخوتنا الجرحى، وركز على أهمية الأمر رغم بساطته.وقد حدث ذات مرة في مشفى الأتارب أن استهلكت أكياس الدم للمرضى من زمرة A+خلال العمل وذلك عندما تفاجأنا بقصف المدينة وبأعداد كبيرة من الجرحى، فوقعنا في نقص بأكياس الدم تلافيناه بأعجوبة وبسواعد المتبرعين والحمد لله.
- وفي نهاية المقابلة وجَّه الدكتور الشكر لإدارة الصحيفة وكادرها متمنيا دوام الصحة والعافية للجميع ومثمنا خطوة القلم في معركتنا مع النظام وأهميتها في بناء المجتمع في مختلف المجالات.