رسالةٌ إنسانية تلك التي يحملها الدفاع المدني السوري، فمنذ بداية الحرب في سورية برز الدفاع المدني “الخوذ البيضاء” أعظم منظمة إنسانية في الداخل السوري ثم ما لبثت أن نالت الشهرة العالمية نتيجة عمليات إنقاذ المدنيين التي قام بها أصحاب القلوب البيضاء.
منذ سنتين في حي باب النيرب وفي منتصف المدينة القديمة بحلب كان كل شيء يوحي بالحرب، الأحياء المهدمة، والجثث، وآثار الحصار على وجوه المدنيين، كلها كانت تفاصيل مرحلة تحكي قصص مؤلمة، لكن ذكراها في عقولنا تحمل الكثير من الإصرار والأمل والتحدي.
هناك وفي مركز الدفاع المدني رجالٌ لا ينامون، فالأمان معدوم في أرض حُكم عليها بالإبادة حرقاً وقصفاً، ثلاثون رجلاً من الدفاع المدني قرروا الالتزام بوظيفتهم في الدفاع عن المدنيين في مركز باب النيرب، واستمروا في ذلك بعد تهجيرهم من حلب سوياً، فافتتحوا مركزاً للدفاع المدني في بلدة بشقاتين غرب حلب.
صحيفة حبر التقت بفريق المركز وأجرت معهم عدة لقاءات للتعرف على أعمالهم ودورهم الذي يقومون به حالياً.
(بيبرس مشعل) مدير المركز قال: “أسسنا المركز في حلب عام 2013 وكنا نعمل بشكل أكبر، لم نكن نستطيع النوم، كنا 36 عنصراً نعمل على مدار 24 ساعةً في ظل قصف عنيف يستهدف الأحياء القديمة، عملنا يقوم على إطفاء الحرائق وفتح الطرقات التي كانت تغلق نتيجة القصف، إضافة إلى إنقاذ المدنيين العالقين تحت الأنقاض.”
ويضيف: “كان القصف في حلب دموياً، أما هنا في بشقاتين فإننا نعمل في منطقة أقل خطراً، لكننا مستمرون في عملنا ورسالتنا الإنسانية التي تقوم على قوله تعالى: ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا”
كيف تساهمون في الأعمال الخدمية في المجتمع؟
“نحاول تقديم كل الخدمات المجتمعية الممكنة، فعلى سبيل المثال نقوم بحملات توعية في المدارس والمعاهد.”
هل تشارك المرأة في مراكز الدفاع المدني كمتطوعة؟
“نعم، لكن مركزنا لا يضم متطوعات، فهناك مراكز نسائية خاصة.”
لماذا يعد المركز في بشقاتين مهماً؟
“وجودنا مهم في كل مكان لاسيما في بشقاتين، فمعظم سكانها نازحون ومهجرون من حلب وحمص والغوطة، ونحاول مساعدتهم بأقصى ما نستطيع.”
قدمت بريطانياً عرضاً لاستضافة أفراد الدفاع المدني، كيف ترون هذا العرض؟
“نرفض فكرة الرحيل، فنحن ملتزمون بمهامنا في كل نقطة من سورية سواء في حلب أو في غيرها لا سيما أن حلم العودة إلى مدينة حلب ما زال يراود مخيلاتنا.”
(محمد فداوي) أحد عناصر المركز يحمل شهادة ثانوية، قرر التفرغ لخدمة المدنيين وإنقاذهم في وقت الحرب.
يقول محمد: “إن الواجب الإنساني يفرض علينا الالتزام بمهمتنا وبالطريق الذي سلكناه منذ كنا في حلب” وعن سبب تطوعه أفاد محمد: “رغبتي الكبيرة بالمساهمة في العمل المجتمعي وبالذود عن المدنيين كانا دافعي للانضمام إلى الخوذ البيضاء وأنا فخور بذلك”.
ثلاثون رجلاً كانوا مثالاً للحب والعطاء في زمن الحرب والأسى، هم شعلة من شعل الأمل التي وجدت لتنير سماء المدنيين المظلمة.
يذكر أن الدفاع المدني منظمة حيادية وغير منحازة. ولا تتعهد بالولاء لأي حزب أو جماعة سياسية، وتخدم كل الشعب السوري، مهمتها الدفاع عن المدنيين في زمن الحرب وتلتزم منظمة الدفاع المدني السوري بالشروع في مهمة إعادة بناء سورية كأمة مستقرة ومزدهرة ومحبة للسلام التي يمكن فيها تحقيق تطلعات الشعب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.