قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن الاضطرابات السياسية غير العادية التي تمر بها أوروبا، وآخرها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تثير الانتباه بأن الأزمة الأطول أمدا والأكثر فتكا التي يشهدها الفناء الخلفي للقارة الأوروبية( سوريا) لا تزال مستمرة في الوقت الذي لا يتم فيه بذل الجهود الكافية من أجل المساعدة في وضع حد لها.
وبين الكاتب أين بلاك في تقريره الذي نشرته الصحيفة اليوم أن السوريين الذين يقاتلون من أجل الإطاحة برئيس النظام السوري بشار الأسد يكادون يشعرون باليأس والإحباط بعد تعزيز التدخل الروسي والإيراني لدعم النظام السوري في الوقت الذي تتقارب فيه واشنطن وموسكو من أجل فرض حل لإنهاء الحرب التي اندلعت قبل خمسة أعوام في البلاد، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة حددت موعدا نهائيا للتوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الانتقالية السياسية في سوريا في الأول من أغسطس وقد اقترب هذا الموعد.
وأشار بلاك إلى أن حركة المعارضة الرئيسية المدعومة من الغرب في سوريا ترى أن أوروبا تستطيع أن تبذل المزيد من الجهود لحل الأزمة ويجب عليها ذلك وأن كانت منصرفة إلى المشاكل الأكثر قربا من القارة، وكانت هذه هي الرسالة التي تلقتها هذا الأسبوع المسئولة عن شئون السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي “فيدريكا موغرينى” التي اضطلعت بدور رئيسي في المحادثات النووية التي تمثل علامة بارزة مع إيران بيد أنها باءت بالفشل في إحداث تأثير كبير على سوريا حيث قُتل 400 ألف شخص ونزح ملايين آخرين.
ويرى أن الروابط بين انعدام الاستقرار في أوروبا والحرب في سوريا لم تكن في يوم من الأيام أوضح مما هى عليه الآن، ويعد الهجوم الوحشي الذي وقع في مطار اسطنبول أخر تذكير كئيب على ذلك.
وقالت الصحيفة إن من بين الخيارات الفورية المتاحة لحل الأزمة احتمال العودة إلى جنيف حيث أشرف المبعوث الأممى “ستيفان دى ميستورا” على ثلاث جولات عقيمة من المحادثات “غير المباشرة” المنفصلة مع كل طرف من طرفي الصراع في سوريا لاسيما وأنه يريد استئناف هذه المحادثات في شهر يوليو، بيد أن التوقعات المعلقة على هذا الخيار لا تدعو للتفاؤل خاصة بعد فشل المفاوضين التابعين للأسد في الجولة الأخيرة من المحادثات والتي تم عقدها في شهر أبريل في التواصل إلى حل بأى شكل من الأشكال، في الوقت الذي خرج فيه وفد الثوار، الذي كان يخضع لضغط المقاتلين على الأرض، من قاعة التفاوض احتجاجا على الهجمات المستمرة والحصار للمناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة، ناهيك عن عدم الإفراج عن آلاف من المعتقلين.
وأشارت أيضا إلى أن اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي توسطت فيه الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في شهر فبراير الماضي لم يشمل قط جميع سوريا فضلا عن انهياره مرارا وتكرارا بسبب مواصلة الروس قصفهم للأهداف التابعة للثوار بعيدا عن هدفهم المعلن المتمثل في قتال تنظيم الدولة.
وأضافت أن السوريين يأملون في أن يستطيع الاتحاد الأوروبي الضغط على موسكو لفرض عقوبات بالإضافة إلى تلك المتفق عليها بشأن أوكرانيا بسبب دعمها للأسد، لافتة إلى أنه من بين الخيارات الأخرى تهديد النظام السوري بمقاضاته عن جرائم الحرب في سوريا.
واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى أن الرد الواضح يتمثل في أنه في خضم الفوضى الحالية في أوروبا والمخاطر التي تحيق بمستقبل الاتحاد فإنه يصعب للغاية توقع أن يتحلى الأوروبيون بالجراءة الدبلوماسية ويراودهم الطموح وتحدوهم وحدة الصف للقيام بذلك.
المصدر : الغارديان البريطانية