منذ قيام الثورة السورية وطيلة السنوات السبع الماضية، لم يتوقف الأدباء السوريون عن كتابة آلامهم ومعاناتهم في ظل الحرب الدائرة وأمنيات الثورة المجهضة، فظهرت العديد من الأعمال الروائية عن تلك الفترة وأجواءها، جاء بعضها بشكل تقريري وتوثيقي، وبعضها الآخر التقط بعض الصور الإنسانية الدقيقة من بين رُكام الحرب ليسلط الضوء عليها، فيما جنح بعض الروائيين إلى تخييل هذا الواقع والانطلاق منه نحو آفاق مختلفة ليست على القدر ذاته من الواقعية في الأعمال الأخرى.
ورغم احتدام الجدل حول إشكالية الكتابة عن الأحداث بينما لم تنته، ولا تزال في طور الاستمرارية والتبدلات اليومية، إلا أن المُبدع السوري الذي جاءته الحرب لتزلزل أفكاره وتعصف بكيانه وتهدد حياته وحياة أسرته، لم يجد بُدًا من التفاعل معها عبر الكتابة عنها، فجاءت بعض الأعمال على درجة من النضج فيما كانت أعمال أخرى أقرب إلى المباشرة والسطحية. .
في العام 2018، صدر عدد من الروايات المعنيّة بالهم ذاته، وإن اختلفت طرائق السرد وبناه، وباختلاف بنية الموضوعات، إلا أن الإشكالية ذاتها كانت حاضرة ومهيمنة باختلاف المعالجة لدى كل روائي عن الآخر، كما نجح بعضها في لفت الاهتمام النقدي والوصول إلى قوائم بعض الجوائز البارزة.
الطريق إلى الزعتري
“الطريق إلى الزعتري” رواية للكاتب السوري محمد فتحي المقداد صدرت عن دار عمّار للنشر والتوزيع في 246 صفحة. يروي الكاتب في روايته ظروف اللجوء وبالتحديد مخيم الزعتري في الأردن، ويدين الكاتب في روايته ما يحدث في بلاده منذ الثورة السورية من اعتقال للمعارضين وكبح الحريات.
جاء في تقديم الرواية: “لا أدري على وجه التحديد، هل سيكون لكلماتي هذه الحظ الكافي لأن تكون الشاهد على البداية، وهل سيكون لها شرف كتابة فصول النهاية. صراع الاحتراق في داخلي يجعلني أتخوف على كل حرف ومن كل حرف أن يسرق من سياقه، ليوظف في طريق مغاير، غير موضعه المراد له، وأخاف منه الانحراف عن مساره في تقييد لحظة الحقيقة بصدق”.
أعياد الشتاء
“أعياد الشتاء” رواية للكاتبة السورية نغم حيدر صدرت عن عن دار “هاشيت – نوفل” في بيروت ، تحضر فيها أجواء الحرب واللجوء السوري إبان الثورة السورية، من خلال امرأة تدعى شهيناز تصل إلى بلد اللجوء وتلتقي ب”راوية” التي تصبح صديقتها في إحدى الغرف الضيقة بمخيمات اللجوء.
جاء في تقديم الرواية: “ثمّة جانب إيجابي واحد للرحيل. الانسلاخ قد يكون مجدياً، رغم الندوب المعشّشة في الروح. ففي الرحيل نصبح آخرين. نرتدي جلد من كنّا نحلم أن نكونه، أو من يوفّر علينا الأسئلة الموجعة عمّن كنّاه هناك”.
تل الورد
أما رواية “تل الورد” للروائية السورية أسماء معيكل، والتي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر فلم تخلُ من حديث عن الحرب وأجواءه، ولكن بشكل يفترق عن التقريرية والمباشرة، فتل الورد في الرواية مكان ليس له وجود على أرض الواقع ولكنه يحيل إلى سوريا بشكل ما، إذ تحضر أجواء الاستبداد والإرهاب والنزاعات الطائفية.
جاءت فصول الرواية بمجموعة من العناوين هي: “جنّة الورد، ربيع بلا زهور، في بيت آل عثمان، هبّات ساخنة، العبور إلى أرض الأحلام، الدكتور، جواز سفر إلى الجنة، العودة، حبطراش”، وعنوان الفصل الأخير يشير إلى لفظ في اللهجة الشامية يعني الخراب الذي لا يمكن إصلاحه.
أرواح صخرات العسل
في رواية “أرواح صخرات العسل” للروائي السوري ممدوح عزّام الصادرة عن “دار سرد، ودار ممدوح عدوان للنشر” تحضر خلفيات الحرب السورية منذ قيام الثورة إلى الآن، فالرواية لا ترصد أجواء الحرب بشكل تقريري أو توثيقي وإنما من خلال ثلاث شخصيات رئيسية تستعاد حياتهم التي تقدم صورة عن والحياة الاجتماعية للفرد السوري وتأثير الحرب عليهم في شبابهم.
ومن أجواء الرواية: “كان يغفر لها يوميًّا. ويبحث دائمًا عن نوافذ المحتمل الذي قد يكون وراء تعصيبها المتواصل. “معها حق. ما في شي بحياتنا سهل. كل شي بخلّيك مقهور وحزين؟”، و”إذا ما فشّت قهرها فيّي أنا، بمين لكن؟”. قال لأحمد. والغريب أنه لم يَشْكُ إلى عابد وحامد. ولم أستطع استنتاج أيّ معنى من وراء ذلك. فأحمد الشايب ظل على عادته الراسخة في إخفاء مصادر أخباره. غير أن خالد كان يمضي إلى صمت كئيب، مكفهرّ، مُخَمَّر بذكرياته عن وجه حبيبته، وهي تلقي عليه عكر كلماتها. وفي إحدى المرات ظن أنها تنتقم في هذا العمر من تجاوزاته الفظّة في سنوات الطفولة. صار نائل يضحك من هذا الخبر. قال: هل يمكن أن تظل لعبة طفولة سببًا للثأر في سن الحب؟ لا أعرف. وقال أحمد إن الأمر لا يحتاج لليقين أو للإثبات في مثل هذه المشاعر. يكفي أن يحس المرء بها، ويرى الأشياء على ضوئها، ويتصرف بناء على ما يصدّق، كي تصبح حقيقة”.
صُراح
وعن دار سرد صدرت رواية “صُراح” للروائية السورية منهل السراج وهي رواية عن الشتات وواقع الحرب السورية، وجاء في تصدير الرواية: “صراح مهاجرة في السويد، منذ بدء الحرب في بلدها تعذّرت الكتابة لديها، تسعى للقبض على المفتاح لحرية التعبير، لكن الأقفال تواجهها، تعمل مع طفل متوحد، والده جبران يعمل في مكتبةـ ويحارب التمييز، لكنه ما زال يجد نفسه في أقبية معتمة. في هذه الرواية تقص علينا منهل السراج بأسلوب مختلف في السرد والكتابة، حكاية مهاجرين سوريين في السوبد، وظروفهم، وتشتت علاقاتهم، وتنثر بهدوء تاملات في الوجود والحياة والثقة والحب والسلام”.
رواية “كائنات الخراب” للكاتب محمد قبلان رضوان صدرت عن دار هدوء للنشر ترصد تأثير الاستبداد والفساد في سوريا على المجتمع السوري، وجاء في تقديمها كائنات الخراب في بلاد ما زالت تولد كل لحظة وتحاول أن تلتقط أنفاس الحياة.. كائنات الخراب التي صارت تمشي في النور وتركت الظل للقابعين في الزنازين الحاملة بحلمهم.. الرواية تحمل الكثير من العوالم وتأخذ حكايتها أبعاداً تفرض علينا البحث فيها و السعي لإيجاد حلول لها.
المصدر | أنا برس
1 تعليق
بسام
اهملت المقالة العديد من الروايات التي تناولت الحرب السورية
منها للروائية ابتسام شاكوش
و للشابة نور الهلالي والتي قرات مراجعة عن روايتها في حبر
وللشاب رامي القادري الذي نشرت صحيفة حبر مراجعة عن روايته بعنوان داريا لحن الممات
وطبول الحرب للروائية مها حسن
وروايتين للروائية سمر يزبك