“الإسلام هو الحل” كثيراً ما تصدح الحناجر لهذه العبارة بمناقشاتٍ وحواراتٍ على صفحات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام.أسأل من يوظف هذه العبارة بعموميَّتها وغموضها في مختلف نواحي الحياة.أين عناصر هذا المنهج الذي نتوق إليه؟ وأين مكوِّناته وآليَّاته ووسائل وضعه قيد التنفيذ؟إنَّ الهروب من خطوات التطبيق والعمل نحو فضاءات التَنظير والتمني لن يجدي نفعاً بل إنَّ تغذيته الراجعة على المجتمع تنعكس سلباً لعدم وجود التطبيقات العمليَّة في حياتنا كأمَّةٍ تنتمي إلى حضارةٍ عربيَّةٍ وإسلاميَّة.ومما زاد من تعميق هذه المشكلة تطفُّل بعض الأفراد والجماعات ومحاولتها أن تكون ربَّان هذه السفينة تدير دفَّتها حسب رياح هواها ونظرتها لمفهوم الإسلام كمنهج حياة… ولا يخفى على أحدٍ منَّا مقدار التشويه الذي أصابنا كمسلمين بسبب غياب الأدوات الحقيقيَّة التي تقع على عاتق المختصِّين والباحثين في مختلف المجالات والتي من الممكن أن تطرح صورةً للتَّفاعل بين معطيات الواقع ومبادئ الأمَّة الإسلاميَّة.ولعل الطامة الكبرى بهذا الموضوع هو افتقارنا إلى ماهية الرؤيا الداخلية لأنفسنا كمسلمين وما يقابلها من أشياء على أرض الواقع حصلت نتيجة تأثيرنا الحسي الذي يعكس جوهريَّة ما نؤمن ونطالب به.إنَّ كلماتٍ مثل العلم والعصر والتكنولوجيا والتقدُّم والتشاركيَّة هي مفاهيم ليست غريبةً عن حضارتنا وثقافتنا بل هي مغيَّبة في اللّاوعي التربوي لمعظمنا وقناعتنا المسبقة بأنَّها أدواتٌ ونتاج الحضارات المتقدِّمة وهي حكر عليها في حين أنَّها ليست سوى ترجمةً لقيمٍ ومبادئ يؤمنون بها وقد حوَّلوها إلى واقعيَّة عبر معاملاتهم وصناعتهم وسياستهم الاجتماعيَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة. ونحن نستطيع أيضاً أن نخرِج ثقافتنا إلى حيِّز الوجود إذا حوَّلنا سلوكيَّاتنا وفلسفاتنا الأدبيَّة والعلميَّة والاجتماعيَّة إلى تطبيق عملي عبر بذرة الإبداع المغروسة في بيئة قيمنا والتي ستبدأ بالنمو بقدر حاجتنا للتطوُّر والتجديد.غسان الجمعة