عبد الغني الأحمد
تقدم رأس النظام السوري بشار الأسد بشكوى إلى محكمة العدل الدولية، وقد بدأ مرافعته بشكر كبير للقاضي وأعضاء المحكمة، لتغاضيهم عن محاكمته أو إدانته على الرغم من كل الجرائم الشنيعة التي ارتكبها ضد شعبه، كما قدم لهم صك ملكية لجزء من سوريا كعربون محبة وعرفان جميل، لأنَّه يعتبر أنَّ دور المحكمة لا يقل شأناً عن مساعدة روسيا وإيران وميليشيات حزب الله، لذلك قرر أن يعاملها بالمثل ويقدم لها جزءًا من الأراضي السورية كما فعل مع باقي الحلفاء
وبعد التحايا وتقديم الهدايا أدلى بشار بدلوه، وبدأ يتحدث بحرقة قلب وعيناه مغرورقتان بالدموع وقال: لم يعد يخفى على أحد في العالم أنِّي أصبحت “طرطوراً” ولم أعد أقدر على إصدار أي قرار بعد أن استجديت المساعدات الدولية من روسيا وإيران اللتان أصبحتا تتحكمان بأصغر التفاصيل في سوريا … يبرمون المعاهدات والمواثيق، ويوقعون الهدن، ويتحدثون بالنيابة عني في الاجتماعات الدولية، كما أصبحت سماء سوريا وأرضها ملعباً وحقل رماية لكل دولة تريد أن تدرب جيشها …
قاطعه القاضي قائلاً: نعلم أنَّك “طرطور” ما الجديد في ذلك!
فأكمل بشار: ياسيدي أنا أعاني من ظلم إعلامي وحرب تضليلية شعواء، فالكل أصبح يسخر مني عندما أتحدث عن السيادة، بل أكثر من ذلك فقد أصبحوا يبدلون السين ثاءً في حين إنَّ المعارضة التي وقفت ضدي ليست بأحسن حال، فها هي لا تجرؤ على الغياب عن أي مؤتمر يدعوهم إليه ديمستورا، كما أنَّهم لم تعد لهم الصلاحية في اختيار الأفراد المشاركين في وفودهم، والدليل على ذلك أنَّ بعض العناصر اللذين زرعتهم كجواسيس في صفوفهم قد تمكنوا من دخول وفدهم بالفعل بعد أن طلب ديمستورا ذلك، أما بالنسبة إلى الاستعانة بباقي الدول، فهم لم يقصروا في ذلك أيضاً، فكما أنَّني استعنت بروسيا وإيران وبأكثر من خمسين فصيل طائفي آخر، فهم فعلوا ذلك أيضاً لأنَّهم إمَّا يشاركون في حروب لمصلحة تركيا داخل سوريا، وإما ينفذون أجندات الدول التي تدعمهم كالسعودية وأميركا وغيرها، ومع ذلك يزاودون عليَّ بالسيادة مع أنَّني خسرت السيادة وخسرت قراري، لكن حلفائي يعملون لصالحي، أمَّا هم فلا يزالون يقاتلون تحت راية هذا وذاك، ويخسرون كلَّ شيء، لذلك أطلب من عدالتكم الموقرة أن تحاسبوا هذه المعارضة بتهمة القدح والذم.
طرق القاضي بمطرقته، وطلب من مستشاريه أن يحضروا مذكرة دعوة للمعارضة السورية متمثلة بوفود يمثلون شقها السياسي على مختلف المنصات التي يمثلها، والعسكري بكل فصائله ومشاريعه وراياته …… وقبل أن ينتهي القاضي من كتابة مذكرة الدعوة، أومأ إليه مستشاره أن ياسيدي لا يجب عليك أن تدعوهم شخصيا، بل يجب أن تنسق مع السعودية وتركيا وأميركا وقطر وديمستورا لكي يرسلونهم إليك، لأنَّ بشار صَدق في المرة الأولى في ادعائه.
فتفكر القاضي قليلاً، وأصدر قراراً غير قابل للطعن أو النقد، وأمر بتوزيعه على كل المؤسسات الإعلامية، يقضي بتبرأة بشار من تهمة خرق السيادة، وتنصل في قراره من ذكر مصطلح “المعارضة” على اعتباره كيان غير موجود، ولم يتوصل العلمُ حتى الآن لمعرفة ماهية كيانٍ كهذا!