عبير عليّ حسن
في ربوع بلاد الشام، في أراضيها النديّة، تعالت الأصوات واتسعت القضيّة. وُلِدت الحسناء وفي طلتها البهيّة أشرق الأمل مبشراً بقدوم الصبيّة.
جميلةٌ كانت وبقوامها بانت، فكثرت العيون عليها ومن الحسّاد عانت، اشتكت من الأمر مِراراً واعترضت وشانت، لكنَّ صديقاتها لها خانوا، فتعبت من الوحدة ثمَّ لانت، فتهاونت في بعض مبادئها حتَّى على أعدائها هانت!!
فاستغلها الطامعون والحاقدون، وكانوا لخيراتها يستنزفون. لكنَّها أفاقت، نهضت ورفضت أن يقالَ عنها: «ذليلةٌ كانت فاستكانتْ» وما كان لها إلا أن تعلن: حانت الثورة، أجل حانت!
ولما أحسّت الضيم والألم اعتراها فيضٌ جارفٌ من ندم، فهتفت ترتل القسم تلو القسم: والّله لأعقدنَّ العزم والهمم، لن يحكمني جمعٌ لقيطٌ من لممْ، لأهدمنَّ حصون الذل والصنم، ولأكتبنَّ على جبين المجد.. حريتي بالسيف قبل القلم، عربيةٌ أنا فلمَ يرأسني العجم ؟! وحرةٌ أنا لن أتبعهم، لا لن أتبعهم كالكلب يتبعه قطيعٌ من غنمْ.
لكن “ثورة” فتاتنا الرقيقة صدّقت الأوهام والأحلام وكذّبت الحقيقة، قالت: أنا أختار
السلميّة لي طريقة، أنقذُ فيها سوريّتي الغريقة، وأعيد إليها أمجاد ماضيها العريقة، لكنَّها نسيت أنَّه ليس لها معينٌ ولا شقيق، ولا حتى شقيقة!!
من إذاً يساندك يا ثورة؟ يا صاحبة الأفكار المرنة و الرشيقة، تريثي دقيقة، فطريقك طويل وتحتاجين فيه رفيقاً أو رفيقة.
أعداؤك كثيرون، وفي كلِّ يوم يتكاثرون، بعين الحقد ينظرون، وبلحظة ضعفك يتربصون، ولإجهاضك في كلِّ حينٍ يجهزون ويتجهزون.
“جهاد” أيُّها الربيع المقبل: متى ستلدك “ثورة” لتنتصر؟ وفيك المسافات إلى جنة الرحمن تقتصر!
ما زالت تبكي إجهاض سلميتها حزناً ودمعاً تعتصر.
كن أنت الأمل، كن أنت الخير، وكن كالمطر رياً تنهمر، فالثورة تنازع الآن، وتحتضر لتخرج أنت من رحمها بإذن الله ناصراً ومنتصر، فلقد أُنهِك الوطن والكلُّ ينظر وينتظر …!!
ماتت “ثورة” وأُجهِضت السلميّة وبقي “جهاد” يحارب ويناضل سعياً للحريّة، يخطُّ بدمه مجداً تليداً للأمة العربيّة السوريّة.
2 تعليقات
فاطمة
ماتت الصبية لكن تركت جهادا رجلا عظيما يحدو حدوها ويزيد…
بهذا الوصف والتشبيه احببت الثوره اكثر من اي وقت
fatema
لابد أن يولد من صلبها جهاد حقيقي …من صلبها فقط.. يكشف زيف بعض الذين يدعون انهم ابناؤها
سلمت أناملك ?