سماح حرح
لم يأتِ الإسلام للبشرية ليضع قيودا للبشر، على العكس تماما، فقد حرره من عبودية كل شيء إلا الله ومن كلِّ خوف إلا لله.
في فناء الدنيا حرية، وفيه يقين أنَّه ليس هناك عذاب دائم أو مرض دائم، وذلك يبعث راحة للنفس، فلن يستعبدنا أحد، أو يستعبدنا شيء للأبد، سنوات معدودات نصبرها ونكون أحرارا في جنان الخلد.
لم أشعر يوما أنَّ الإسلام قد قيدني، وكلما قرأت أكثر في الإسلام شعرت بحرية أكبر، حجابي لم يكن يوما حاجزا لشيء أردت القيام به أو حلمت به، وكان في حدود الدين.
لم يقيدني الدين الإسلامي كما قيدتني العادات والتقاليد البالية التي بدأت بتحطيمها إذا كانت سببا معيقا بدون أي وجهة نظر منطقية، وجرأتي تكبرُ كلمت تعلمت أكثر في الدين.
وفي قراءاتي، واعتبر نفسي حديثة عهد ولست متبحرة في الدين، استعمل المنطق، وفي كلِّ مرة أشعر أنَّ شيئا في القرآن خالف منطقي، تبحرت أكثر لاكتشف فيما بعد أنَّ الخطأ كان في فهمي، وأحاول جاهدة ألا يأخذني في ذلك سوى المنطق، فيزداد يقيني بالإسلام يوما بعد يوم والحمد لله.
وفي كلِّ رحلة بحث أشعر بمتعة الرحلة وبحرية أكبر، وأحبُّ الله أكثر، فلم يفرض علينا إلا بضع حدود، وفي غير تلك الحدود نحن أحرار، حدود الله ليست بالشديدة، فهي سهلة التطبيق، فلا داع للسرقة أو ارتكاب الفواحش للإنسان السوي.
فروضه لينة، ففي الصلاة شكر لله، وكم معطٍ لك تشكره دوما وتخجل من عطائه المستمر لك ولله المثل الأعلى وهو أعز وأجل، فالصلاة ليست قيدا، الصلاة شكر لله وحمد له لعطاءاته التي لا تذكر ولا تعدُّ، وفيها وصلٌ لحبيب تأبى فراقه، وفي الصيام صفاء للروح، وفي الزكاة مشاركة للخير، وفي كلِّ ذلك مشاعر إيجابية تنتشر، وهناك دوما تخفيف لمن لا يطيق صلاة أو الصيام أو الزكاة أو الحج، فالإسلام لم يأتِ ليكون عبئا، بل شجَّع على إتيان الرخص، فهو أسلوب تهذيب للحياة وتنظيمها بشكل سوي.
ديننا دين يسر فلا تعسروه، كلُّ متزمت الآن أعطى لنفسه الحق ليحرِّم ويحلل … فكلُّ شيء حرام، وكلُّ حياتنا باتت حراماً وفق قوانينه التي أشكُ أنَّه ذاته يطبقها بحذافيرها، يطلق أحكاما كفَّرت كلَّ من على هذه الخليقة، إذا أراد أحدهم الضيق فليضيق على نفسه وليدع البشر أحرارا.
الإسلام دين يسر وليس عسر، وما خُير الرسول عليه الصلاة والسلام في أمرين حتى اختار أيسرهما.