عمر نور |
استيقظت والدة “راما” ليلاً فوجدت ابنتها “راما” البالغة من العمر 3 سنوات ونصف قد نزعت من يدها السيروم ووضعته للعبتها، وفي سؤال الوالدة لابنتها عن السبب أجابت: ” لعبتي مريضة بسرطان الدم وتحتاج للدواء فقدمته لها”
والواقع طبعا لم يكن كذلك، بل كانت راما تحكي قصتها، وببراءة الأطفال قدمت راما للعبتها الدواء، لكن للأسف لا يوجد من يقدمه لها.
الطفلة “راما حلوة “مريضة بسرطان بلعوم أنفي حسب طبيبتها “أماني” التي أفادت لحبر عن حالة راما قائلة: “تحتاج راما إلى دواء كيميائي، وتحتاج إلى تصوير لتحديد مدى انتشار الورم، كما يتطلب الأمر عملية جراحية بعدها لاستئصال الورم”
كما أوضحت الطبية ” أماني ” أنَّ راما، ومنذ ثمانية أشهر، لم تأخذ أي علاج بخصوص مرض السرطان، إنَّما فقط تأخذ بشكل تلطيفي مضادات إقياء وسوائل وريدية، ذلك أنَّ لديها إقياءات شديدة بسبب الورم، ولا يمكن التنبؤ بالتحسن إلا بعد إجراء الصور وتحديد مدى انتشار الورم.
وتابعت د. أماني: ” لكن نسبة الشفاء ضئيلة جدا”
ويرجع هذا إلى الحصار الشديد الخانق الذي تشهده الغوطة الشرقية من قبل نظام الأسد والميليشيات المساندة له التي تمنع خروج المرضى وتمنع دخول الأدوية اللازمة لهم ما يسبب تراجعاً في حالتهم الصحية.
وأكدت “أماني” أنَّ خروج راما للعلاج يمكن أن يخفف عنها الأعراض التي تعاني منها والاقياءات التي تصاحبها، كما يمكن أن يحسن خروجها من هذا الحصار حياتها بالنسبة إلى الغذاء والدواء الذي ستأخذه في حال خروجها من الغوطة المحاصرة.
حملة لإنقاذ راما ومرضى السرطان:
وفور اطلاع ناشطين على حالة “راما” أطقلوا حملة بعنوان: “أنقذوا راما” “أنقذوا مرضى السرطان “Save Rama” “Save Cancer Patients”
الحملة التي تهدف لإنقاذ راما ومرضى السرطان الموجودين في الغوطة الشرقية الذين يقدر عددهم بالمئات وتقديم العلاج المناسب لهم.
أحد القائمين على الحملة المدعو “أبو الخير الشامي ” وجه رسالة عبر منبرنا يقول فيها: ” أوجه رسالتي إلى أصحاب الضمير الحي، أخبرهم أنَّ أكثر من 500 حالة مثل راما في الغوطة الشرقية، يعانون ألم الموت كل يوم قبل أن تُقبضَ أرواحهم، هم بحاجة ماسة لمساعدتكم، هم بحاجة ماسة إلى الدواء والغذاء… فلبوا النداء”
وضمن بحث “أبو الخير الشامي” في حالة راما العائلية وجد أنَّ عائلتها تعاني من شح في المعيشة ونقص في المادة التي يستطيعون من خلالها شراء الغذاء المناسب لطفلتهم بالإضافة لعدم قدرتهم على تأمين أدنى حاجياتهم الأساسية.
ويضيف “أبو الخير” ” حالة من اليأس أصابت الأم بسبب طرقها أبواباً كثيرة لعلاج ابنتها فلم تجد أي علاج يذكر، وبالعكس وضع الطفلة يزداد سوءاً، فمنذ ثمانية أشهر لم تجد الأم أي علاج”
وفي أحد التقارير التي نشرت عن “راما” تخبر والدتها أنَّها لا تستطيع أن تطعمها بسبب انسداد البلعوم، وفي حال أرادت أن تخلط لها الغذاء ليصبح سائلا فهذا الأمر صعب جدا لعدم قدرتهم على تامين الكهرباء، وأضافت أنَّ الأطباء قالوا لها إنَّ المرض تفاقم كثيرا وهو بحاجة إلى الاستئصال، لكنها تقف عاجزة عن فعل أي شيء في ظل الحصار المطبق على الغوطة.
راما ليست الوحيدة فهناك الكثير:
وفي حديث “حبر” مع طبيبة الأطفال “أماني” قالت: ” تمر علينا حالات سيئة بشكل شبه يومي
ليست سرطانات بالضرورة، حالات أخرى مثل طفلة بحاجة إلى عملية قلب مفتوح تعاني من انتانات تنفسية متكررة وضيق تنفس، وأطفال آخرون أيضاً لا يمكن تشخيصهم في الغوطة بسبب عدم توفر وسائل التشخيص، كما يوجد لدينا أطفال سوء تغذية “
وأضافت: ” الكثير من المرضى بحاجة إلى الخروج لدمشق إما للتشخيص أو العلاج أو لإجراء عمليات غير ممكنة في الغوطة، هناك أدوية كثيرة غير متوفرة هنا، لا بدَّ أن يصل هذا الكلام إلى الجهات المعنية لتدارك الأمر”.
وعلى بضع كيلو مترات من الغوط الشرقية في دمشق يكمنُ الحل، يوجد الدواء والمشافي المتخصصة والغذاء اللازم لمئات المرضى المحاصرين الذين لا يملكون أي شيء سوى انتظار حلٍّ لفك الحصار، أو قرار أممي دولي يوقف نظام الأسد عن حصاره وممارساته في حق المدنيين الأبرياء في سورية عموماً وفي الغوطة الشرقية خصوصاً.