نور سعيد – بغداد |
يتشابه الفعلان وزنَ ورزنَ كثيراً من ناحية المعنى، حيثُ يشير (وزنُ الشيء) إلى التقدير بالميزان، فإذا قلنا: (تكلم أحدُهم بوزنٍ) أي أنه تكلم برزانة، أما إذا قلنا: (رزنَ الشيءَ) أي أنه رفعهُ ليعرف وزنه أو ليعرف خفته من ثقله.
في زحمة حياتنا اليومية غالباً ننسى جانباً أو جوانب من منظومتنا، ممَّا يحدث خللاً في توازن حياتنا، فلا بد من وزن كلِّ الجوانب لمنع حدوث ذلك الخلل، حتى لا تثقل كفة ميزان أحد تلك الجوانب على الأخرى، فالتوازن في الحياة مطلوب، وهذا ما أقره سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء عندما جاءه يروي له ما دار بينه وبين سيدنا سلمان الذي قال لأبي الدرداء: “إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ” فعندما سمع صلى الله عليه وسلم نصيحة سيدنا سلمان لأبي الدرداء قال: “صَدَقَ سَلْمَانُ”
إن جوانب منظومة حياتنا الأساسية يمكن تلخيصها بالتالي:
روحانياً: فالإنسان الذي يعيش في كنف ربه مؤدياً ما عليه من التزامات دينية ويعيش سعيداً مطمئناً مُسّلماً لقضائه تعالى متوكلاً عليه في أبسط أموره ويبدو ذلك جلياً على محياه، هو متزن داخلياً.
عائلياً(واجتماعيا): دائماً العائلة أولاً، فهي وطن الإنسان الحقيقي، ومن لا عائلة له يظل يعيش في دوامة الوحدة مما يفقده اتزانه الطبيعي؛ لأن الإنسان بطبيعته يبحث عن مؤنس له، لهذا السبب خلق الله تعالى أمنا حواء لتؤنس أبينا آدم عليه السلام.
وقد يدخل الجانب الاجتماعي ضمن الجانب العائلي؛ لأنه يدخل في كنف العلاقات الاجتماعية للإنسان على العموم، وتتدرج هذه العلاقات من الأسرة أولاً، كالأب والام والأبناء والأخوة والأخوات، ثم تتدرج من ناحية أقارب الأم والأب ثم الأصدقاء والمعارف، وتزداد أو تقل حسب مواقف الحياة.
بدنياً(وترفيهياً): العيش بطريقة صحية كممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي؛ لإيفاء حق البدن كما في الحديث الشريف المذكور سابقاً، وقد يدخل في هذا الجزء الجانب الترفيهي لحاجة الإنسان إلى الاستجمام المستمر للخروج من دوامة روتين العمل والحياة اليومية المكررة الرتيبة.
مادياً: للحصول على اتزان مالي لابد من أن تكون المدخولات أكثر من المصروفات، فالتوفير هو أمان الإنسان من حوادث الدهر وغدر الأيام.
ثقافياً: في خضم عصر المعلوماتية يجب علينا مواكبة جزء يسير من هذا الكم الهائل من المعلومات والتكنلوجيا من خلال القراءة وتطوير الذات، وإﻻ أصاب عقولنا الجمود الفكري والتقوقع داخل أفكارنا القديمة.
من كل ما ذكر سابقاً نجد أن تلك الجوانب المذكورة المشكِّلة لميزان حياتنا ﻻ بد أن تتوازن، وإلا حدث خلل يفقدنا الرزانة ويجعلنا نتخبط باستمرار لوجود نقص داخلي فينا أحياناً دون أن نعّي ذلك.