تناولت صحيفة الغارديان الخطة الروسية في سورية بعمق.
ويبرز كاتب المقال شهاداتٍ لبعض المقيمين في الغوطة الشرقية وينقل عن عارف عثمان قوله: إنه بالنظر لكثافة القصف وتواصله كان من المفترض أن يستسلموا، مضيفا: “كلما ازداد تشبثنا بموقفنا ازدادت ضخامة القنابل التي يقصفوننا بها وازدادت حدة الغارات الجوية التي يشنها الروس.
ويؤكد كاتب المقال أنه بالنسبة لنحو 400000 شخص يعيشون في الغوطة الشرقية تشكل الغارات الجوية الروسية الكابوس الذي يتخطى أي مخاوف أخرى، لأن القصف لا يميز بين مكان وآخر فيقتل من يقتل ويصيب من يصيب.
ويعتبر كاتب المقال أن السيطرة على الغوطة هي حجر الزاوية بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظام الأسد للسيطرة على العاصمة دمشق، وبالتالي الفوز بالحرب في سورية، لكن خارج المعترك السوري فإن أعداء وأصدقاء الرجلين على حد سواء يعتقدون أنهما أخطأا في الحسابات.
ويسترجع كاتب المقال المشهد قبل نحو عام ونصف عندما بدأ التدخل الروسي بعدما استنجد الأسد ببوتن في الوقت الذي كان فيه مسلحو المعارضة على أبواب معقل الأسد في الساحل ويقصفون تخوم اللاذقية وطرطوس موضحاً أنه في ذلك الوقت لم يكن واضحاً إلى أي حد ستتورط روسيا في المستنقع السوري وكيف ستستثمر الموقف في واحد من أخطر النزاعات في العالم.
ويضيف كاتب المقال أما الآن وبينما لم يعد نظام الأسد في خطر ولا يواجه شبح الانهيار فإن البلاد لم تعد أبداً نفس البلاد التي اعتاد أن يحكمها فالسلطة المركزية التي تتحكم في دولة بوليسية لم تعد بنفس القوة والسيطرة لعدة أسباب أولها المعارضة المسلحة وثانيها اللاعبون الإقليميون الذين أصبح لهم نفوذ كبير داخل البلاد ويسعون لاستثمار الفرصة والدفاع عن مصالحهم في حقبة ما بعد الحرب. ويوضح كاتب المقال أن المصالح الإيرانية ومصالح الدول المجاورة لسورية لا تتسق مع المصالح الروسية إلا قليلاً لذلك يرى كاتب المقال أن الجانبين يغرقان في مستنقع ولا يمكنهما رؤية ذلك حتى الآن.
ويشير كاتب المقال إلى أن بوتين على وجه الخصوص يعلم أكثر من غيره أنه لا يستطيع السيطرة على سورية بشكلها الحالي فبعد خطاب النصر الذي ألقاه في قاعدة جوية روسية قرب إدلب قبل نحو شهرين تبعه عدة أحداث متتالية ورطت روسيا أكثر في المستنقع السوري كما عرت نظام الأسد واعتماده كلياً على حلفاء يخوضون الحرب نيابة عنه.
ويقارن كاتب المقال تصريح بوتين بالانتصار في الحرب السورية من قاعدة إدلب بخطاب جورج بوش الذي أعلن فيه الانتصار في الحرب على العراق عام 2003 على متن حاملة الطائرات الأمريكية أبراهام لنكولن ويعتبر كاتب المقال أن كلا التصريحين كان متسرعاً ويسعى لترسيخ فكرة القوة العالمية الكبرى وقدرة سلاحها على حسم المعارك سريعا لكن بوتين بدلاً من الوصول لهدفه أكد للجميع قصور قدرات بلاده الديبلوماسية.
ويؤكد كاتب المقال أن جيران سوريا حالياً وقادة المنطقة لا يمكن توقع خطواتهم التالية ويضرب مثلاً التدخل التركي في شمال سوريا ضد الاكراد وهو الأمر الذي كانت تركيا تسعى لتجنبه طوال عدة سنوات لكن في النهاية دخل الأتراك شمال سوريا بالتنسيق مع الروس وهم في الوقت نفسه أكبر حلفاء وداعمي نظام الأسد الذي يسعى بدوره لإخراج تركيا من البلاد بأسرع وقت.
ويخلص كاتب المقال أن الإيرانيين يحظون بالسيطرة الأكبر على نظام الأسد وأنهم جاؤوا إلى سورية ليبقوا فيها علاوة على أنهم تركوا الروس يتقدمون ويشنون الغارات على المعارضة بينما الإيرانيون يدعمون قواتهم في سوريا موضحاً أن كل اللاعبين على الساحة السورية لا يثقون في بعضهم البعض وأن كل التحالفات القائمة حالياً ماهي إلا تحالفات قصيرة الأمد لن تستمر طويلا.
الكاتب: مارتن كاتب المقال
صحيفة الغارديان
رابط المقال الأصلي: