من لم يسمع عن أخبار الغوطة الشرقية؟ .. كل يوم شهداء وجرحى بأرقام تذهل القارئ، معاناتهم وخوفهم وتمنيهم للموت لا يستطيع أي أحد منا أن يتخيله، أصبحت الحوامل تسقط أجنتها بسبب إصابة في البطن أو بسبب سوء الغذاء أو عدم توفر الأدوات الطبية اللازمة، ناهيكم عن وضع الأطفال حديثة الولادة والأطفال الآخرون ورعبهم، منذ سبعة أيام لا يهدأ القصف، والأهالي هناك ما زالوا في الأقبية ينتظرون لحظة الفرج.
يقول محمد أبو أنس وهو صحفي في الغوطة الشرقية لحبر: (الأقبية لا تسع لجميع الناس، الوضع مأساوي جداً، الطعام كل يومين يتم تأمين وجبة لكل شخص، ناهيك عن أن تأمين الطعام يتم بساعات السكون نسبياً في الليل، وبدأ المرض ينتشر وحالات الربو تزداد كل يوم، بالنسبة للمياه فإن أغلبها من “الكباسات” والجميع يملأ المياه بفترة الليل، أما الخزانات على الأسطح فمعظمها أصبحت فارغة، وكذلك الأمر بالنسبة لألواح الطاقة.)
ويذكر أبو أنس (أصعب موقف هو عندما حملنا امرأة مصابة في بطنها، وإذ بسقوط جنين من الحمالة التي تتمدد عليها المرأة، وأصبح الجنين بين أقدامنا، الموقف لا يوصف وجميع كادر المستشفى بدأ بالبكاء ولم نستوعب ما جرى إلا بعد حين.)
و بالنسبة للمواد الطبية فإننا نستخدم الاحتياطي الأخير وهو على وشك النفاذ، يوم أمس قالت والدة أحد المصابين: “اقتلوا ابني لأنه كان يحتضر ولا يوجد منافس وأسرّة عناية مشددة”، و يوم أمس اجتمع في سماء الغوطة “ثلاثة طائرات حربية روسية وسورية، طائرتا هيليكوبتر محملة بالبراميل، ثلاثة طائرات استطلاع وإحداهن النيوشن التي تشوش على الإلكترونيات والاتصالات”، بحسب ما ذكره الصحفي.
ويتابع، أيضاً من المواقف التي لا تصدق حين كانت سيارة الإسعاف تنقل الجرحى فأصيبت بقذيفة صاروخية، مما أسفر عن نزيف لكافة المصابين في السيارة إلى أن فارقوا الحياة، ناهيك عن الأب الذي فقد كل أفراد عائلته وذهب ليبحث في المستشفيات عن ابنته التي علم بوجودها في إحدى المستشفيات على صفحات الأخبار في مواقع التواصل الاجتماعي.
ويشدد بقوله (أنقذوا البقية، فلو تقتصر القصة على القتال لما بقي أحد منا في الداخل، والله إننا نتعطش لإراقة دماء من يقصفنا ويدمر بيوتنا ويرمل أخواتنا وييتم اطفالنا.)
ويكمل، إلى الآن أكثر من عشر نساء تعرضن للإجهاض بسبب الرعب والخوف الشديد، حالات النساء والأطفال النفسية تتدهور بشكل كبير، ولا نسمع بين الركام في الطرقات إلا بكاءهم، وهناك تصفية عرقية ولا توجد مقرات عسكرية في المدارس والمنشآت الطبية كما ادعى سفير روسيا لدى الأمم المتحدة يوم أمس، القصف فقط على المدنيين، وتحدث الصفحات الموالية للنظام عن مقتل قياديين في الغوطة هو عار على الصحة.
وفي رسالته الأخيرة قال أبو أنس لحبر (نقول للنظام والروس تستطيعون أن تهدموا بيوتنا وتقتلوا أهلنا، لكن لن تستطيعوا أن تقتلوا إرادتنا وعزيمتنا، باقون ما بقي قاسيون.)
هل هذه الهجمة من قبل سهيل الحسن الملقب بـ (النمر) ؟
أجاب الصحفي محمد أبو أنس (نعم، لكن فصائل الغوطة لم تذكر أي شيء بعد، وبالنسبة لسهيل الحسن فإن الله سينتقم منه ومن أهله، وهو معروف بقتاله في الصحراء ولا يدخل لمكان بالقتال، بل يدخل بالحرق وبسياسة الأرض المحروقة، علاوة عن استخدامه الراجمات بكثافة، أي كل 36 صاروخ ضمن دفعة واحدة!)
بدورها، تقول آلاء وهي من سكان الغوطة الشرقية لحبر: (صوت الأطفال لا يهدأ أثناء القصف، ومن أحد الحالات التي أبكتني هي حالة صديقتي الحامل في الشهر الخامس ولها يومين في القبو وفمها لم يلمس طعام أو شراب، كانت توجد سوبر ماركت قريبة منا لكن القصف إلى الآن لم يهدأ.)
وتسرد آلاء، الطعام الوحيد الذي يتأمن للناس هنا هو (اللبن) بالنسبة لنا هذا طعام، ناهيك عن النساء الحوامل، كمثال أحد قريباتي وهي أنجبت طفلين منذ شهر ولا يوجد لها غذاء ولا حليب للأطفال وحالتهم جميعا مأساوية بشكل لا يوصف.
واختتمت حديثها، الآن انهارت عشرة أبنية بسبب القصف بالبراميل، لا أحد منا يستطيع الخروج إلى الشارع، بالنسبة للدفاع المدني فإنهم يقومون بتجهيز الأقبية لكن لم يصلوا إلينا إلى الآن بسبب القصف، لا أعلم إن كان بإمكاني وصف المعاناة التي نعيشها، هذا كل شيء أستطيع أن أقوله الآن!
من جهتها، نشرت الإعلامية ورد مارديني على صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك (نحن الآن مختبئون في زاوية المنزل ، فرشنا بعض الأغطية وقصصنا على أطفالنا بعض الحكايات كي يناموا ويهدأ رأسهم قليلاً من أصوات الصواريخ والمدافع، ناموا بصعوبة وما زالوا يرتجفون وهم مغمضو الأعين، طفلي يئن أمامي وهو منهك من التعب، لقد تعب قلبه من الخوف، وطفلي الآخر نائم بين يدي كالملاك الصغير وجهه هو المأوى الوحيد الذي ألجأ إليه كي أنسى ما أعانيه.)
وقالت مارديني: (لن أتحدث كثيراً عن معاناتي، فحروف الأبجدية كلها لا تستطيع وصفها، أنا في مكان وأهلي كلٌّ منهم في مكان ، لا أستطيع الاطمئنان عليهم رغم المسافة القليلة التي تفصلني عنهم، أصوات الطيران لم تفارقنا منذ الصباح، ومع كل غارة نلفظ الشهادة، الجميع تخلى عنا إلا الله وحده يحمينا ويلطف بنا ويرعانا برحمته.)
وفي الختام قالت: (الغوطة كلها مدمرة، أصوات بكاء الأطفال لا تهدأ، أكثر من ٢٠٠ شخص في كل قبو، الأقبية غير مجهزة للسكن والظلام يسيطر عليها، البرد يتغلغل في عظامنا، أغلب المرضعات قد شف الحليب في أثدائهن من الخوف والرعب، وهناك حوامل أسقطن الأجنة من هول القصف، أجسادنا تعبت من الجوع لا طعام منذ ثلاثة أيام، ولا يوجد لا شراب ولا دواء، أطفالنا جاعوا ونحن عاجزون عن إطعامهم، فلينعم القادة بأقبيتهم المجهزة، تباً لكم أيها القادة، لن أسامحكم وكل سكان الغوطة لن يسامحوكم.)