بقلم : إسماعيل المطيريبدو أن الشماعة الأمريكية المتجددة في ادعاء محاربة الإرهاب لم تعد حكراً على أمريكا وحلفائها كما اعتدنا من قبل، وإنما صار كل طاغية يتهم كل من يقف بوجهه بممارسة الإرهاب.فلا غرابة في أن نرى معتوهاً مثل “بشار الأسد” يحاول إلصاق تهمة الإرهاب أو دعم الإرهاب بكل من لا يناصره بشكل علني، في الوقت الذي يمارس فيه جيشه وميليشياته أشنع أساليب القتل والإجرام التي تندرج بشكل واضح في سياق الإرهاب الذي أصموا به مسامعنا.المضحك في الأمر أن تهمة الإرهاب صارت سلعة معلبة جاهزة للاستخدام، غير أنها لا تنتهي صلاحيتها مهما مضى من الزمن، ولا بد لنا أن نسمع تبادل إطلاق التهم بشكل دائم.أطلقت أمريكا بعض التصريحات مطلع العام الجاري من منابر جنيف على لسان “جون كيري” الذي قال: “تصرفات بشار الأسد هي التي تجذب الإرهابيين إلى سورية”، وهو التصريح ذاته الذي أطلقه “كيري” في منتدى “دافوس” مطلع العام الماضي، وتكررت التصريحات المشابهة أواخر العام الماضي ولكن هذه المرة على لسان “توني بلينكن” الذي قال: “إن بشار الأسد مغناطيس جاذب للتطرف، ولا استقرار في ظل قيادته”، فكل التصريحات في النهاية تشير إلى أن “بشار الأسد” أصل الإرهاب في المنطقة بل إنه الإرهابي الأول وخاصة مع وجود حزب الله الشيعي اللبناني في صفوفه، وهو الحزب الموضوع على لائحة الإرهاب.وبالمقابل نجد “بشار الأسد” لا يقصر بدوره في إطلاق الاتهامات أيضاً، حيث أنه أجاب على سؤال سأله صحفي في BBC بخصوص رغبة نظام الأسد أو رفضه الانضمام للتحالف الدولي ضد “الدولة الإسلامية” بقوله: “لا، بالطبع لا نستطيع، وليست لدينا الرغبة، ولا نريد لسبب واحد بسيط: لأننا لا نستطيع التحالف مع دول تدعم الإرهاب”.إذاً: “بشار الأسد” غير مرغوب به في التحالف لأنه أصل الإرهاب، وهو بدوره لا يرغب بالتحالف -كما يزعم-لأن التحالف الدولي يدعم الإرهاب!! … بربكم ما هذه المفارقة العجيبة!!.عموماً لا تتوقف التصريحات والاتهامات المتبادلة أبداً، فلا بد أن تخرج إلى العلن بين فينة وأخرى تصريحات جل غايتها إضافة بعض التشويق و”الأكشن” لشريط الأخبار، تماماً كمباريات المصارعة الحرة الأمريكية التي لا تتعدى كونها تمثيلاً مفضوحاً رديء المستوى.في الحقيقة، إن السياسة الأمريكية لا تختلف كثيراً عن سياسة “بشار الأسد”، فهي بمجملها سياسات متفق عليها بكل تفاصيلها، من تصريحات إعلامية وتحركات عسكرية واتفاقات من تحت الطاولة أو من فوقها، وهي في النهاية لا بد أن تجذب جمهوراً يضع “الطماشات” لينقاد بسهولة دون أن يكتشف أوجه التشابه، ودون أن ينتبه لمؤامراتهم، فما الفرق بين من قتل وهجر الملايين في أفغانستان والعراق بحجة محاربة الإرهاب، وبين من قتل وهجر الملايين في سورية بالحجة ذاتها؟!!.عموماً، تشير أمريكا إلى طبيعة العلاقة التي تربطها بنظام الأسد -بغض النظر عن وجود “إسرائيل”-من خلال تصريح “روبرت فورد” الذي قال: “إن المقاتلين الذين ستدربهم أمريكا لن يكونوا من الجيش الحر”، وبمعنى أوضح فإنهم لن يقاتلوا نظام الأسد مطلقاً، ومهمتهم فقط هي قتال “الدولة الإسلامية”، فماذا يمكن أن نفهم من كل ذلك؟!!ما يجب علينا فهمه هو أن الثورة السورية محاربة من الجميع، ولكن كل طرف يعاملها بالطريقة التي يمكن أن تحقق مصالحه، فطرف يقلل من شأنها، وطرف يقاتلها، وآخر يلوح لها بالجزرة، وغيره يلوح لها بالعصا، وتتعدد الطرق بتعدد الأطراف، لتخرج الثورة بنظرهم بثوب الإرهاب، لتساق إلى الإعدام في نهاية المطاف.بالمناسبة، بما أن تهمة الإرهاب صارت “موضة” العصر، فلا بد لي من اتهام أحد ما بالإرهاب، ربما سأتهم نفسي …. فأنا ابن الثورة.