أكمل الباحث محمد وليد الشيخ في جامعة إدلب أطروحة الدكتوراه التي بدأها في جامعة حلب عام 2012م في قسم علم الحياة كلية العلوم، والتي عنوانها “دراسة انتشار الديدان الطفيلية على أسماك المطواق (Aspius Vorax-Heckle 1843) في نهر الفرات” حيث ناقشها في جامعة إدلب.
يتطلب البحث جمع عينات من عدة مناطق لهذا السمك، لكن بسبب ظروف الحرب انحصر بحثه في بحيرة الأسد سد تشرين بحسب ما وضح لنا.
سجَّل الشيخ في بحثه اكتشاف (10) أنواع من الديدان الطفيلية على سمك المطواق، 8 منها سجلت لأول مرة في سورية، وأضاف أن البحث مدروس في تركيا بشكل أبحاث، ومسجل في إيران بجود أنواع أصيلة من السمك في الفرات، أما في العراق وسورية لم يُدرس هذا النوع مطلقا رغم انتشار الأسماك بكميات كبيرة بالفرات واستهلاكه من قِبل الناس.
ضمَّت لجنة التقييم أربعة أعضاء وهم: الدكتور المساعد جمعة العمر (طبيب بيطري اختصاص تقانات حيوية وأغذية كان الأقرب للاختصاص)، المشرف المشارك الدكتور محمد زيدان (اختصاص بيولوجيا أسماك)، والدكتور إبراهيم حساني (دكتوراه في الكيمياء الحيوية)، والدكتور فؤاد داوود (دكتوراه بعلوم الأحياء الدقيقة والطفيليات).
صحيفة حبر التقت د. جمعة العمر الذي قال: “صدر قرار من مجلس التعليم العالي لإحداث لجنة بحوث للدراسات العليا تتألف من7-6 دكاترة لدراسة البحوث قبل التسجيل أو بعده لرؤية مدى أهمية الأبحاث على المجتمع، وهي تحتاج إلى دعم مادي سنقوم بدعمها من صندوق دعم التعليم بعد دراستها.”
الباحث الشيخ شرح أن معلومات بحثه كانت نظرية قام بجمعها من الإنترنت كمراجع وأبحاث عالمية تتعلق بموضوع البحث، وأوضح أنه كان يقوم بجولات حقلية إلى سد تشرين، وكان يدخل النهر بقوارب صيد وينصب فيه الشِباك لجمع العينات، ثم يضعها بحافظات مع قطع من الثلج ليتم نقلها إلى مخبر أبحاث الطفيليات في كلية العلوم بجامعة حلب ليتم إجراء الفحوصات التي يحتاجها ببحثه، وأشار إلى أنه حاول عدم تكرار تجارب سابقة وتجنب أنواع السمك المدروسة كـسمك (الكارب) الذي قام بدراسته الدكتور محمد زيدان بـنهر الفرات أيضا.
وذكر لنا أن عمل الباحث يبدأ بأخذ عينات وفحص الأسماك من الناحية الخارجية، وفي حال وجود طفيليات يتم فحص الغلاصم ثم يفتح البطن ويفحص الأمعاء والجوف العام للكيس السباحي والحويصل الصفراوي، وفي حال وجود ديدان يتم عزلها ووضعها بأنابيب مع ذكر تاريخ التسجيل ورقم العينة وتوثيق المعلومات، وبعد ذلك التخلص من العينات بالإضافة إلى تلوين الديدان “بكارمن حمض الخل” لتوضح أجزاء من الديدان قبل فحصها بالمجهر، وبعد ذلك تصويرها ومقارنة صفاتها مع مفاتيح التصنيف العالمي لمطابقة نوعها بالمفتاح المذكور وعلى أثره يسمى نوع الدودة.
وأضاف أنه استمر برحلة بحثه حسب الخطة التي وضعها منذ البداية مدة 5 أشهر، لكن بسبب تأزم الأوضاع لم يعد بالإمكان الوصول إلى خط النهر الممتد من جرابلس حتى الرقة لإكمال دراسة أسماك النهر على مدى طوله الذي يقارب 150كيلو متر.
وتكلم الشيخ عن بحثه مضيفا: “تمنيت إكمال بحثي بدراسة على مستوى “DNA” المستوى الجزيئي لنتائج أفضل لأن هذا المستوى سيقوي بحثي، ومتى توفر سأدرسه”
وتحدث كذلك عن الصعوبات التي مرَّت معه ضمن رحلة البحث قائلا: “إيقافي على الحواجز واحتجازي للتحقيق بشأن المعدات والحافظة ممَّا يأخر وصول العينات إلى المخبر.” وأوضح أنه تعرض للقنص في معبر بستان القصر ونجا من الموت بأعجوبة، وقال: “العمل كان شاقا وخصوصا مع ابتداء الحملة العسكرية على حلب في الشهر السابع من 2012م، هذا عدا الجهد المادي بالتنقلات وقِلت المعدات والمراجع العلمية في سورية وعدم وجود قاعدة بيانات متكاملة فيما يتعلق بمجال الأبحاث سواء أدبية أو طبية أو علمية.”
وفي حديث آخر لـحبر مع الدكتور (فؤاد داوود) أحد أعضاء لجنة تقييم أطروحة الدكتور محمد الشيخ قال: “ذكر الشيخ ضمن بحثه أكثر من 150 مصدراً علمياً أغلبها باللغة الإنكليزية كان البحث جيداً، له فهرس للإعطاء كتب بمنهجية علمية مع تقديمه لفرضية للبحث مرجعية لدراسة مواد ونتائج وملخص بلغتين العربية والإنكليزية، لا نبرر وجود بعض الأخطاء والهفوات، ومع مراعاتنا للوضع العام والتكلفة والالتزام بالموضوع عدا بعض الفقرات الصغيرة الهامشية التي لا تخلو من الأخطاء الإملائية والمطبعية، يعدُّ البحث بصورة عامة جيداً”
وأضاف داوود: “ما أعطى قوة للبحث وجود أعضاء تقييم من خارج الجامعة، وفي النهاية المُحكِّم مؤتمن يقيِّم بشكل علمي، النتائج مرضية والأطروحة جيدة لولا ذلك لم تصل إلى المناقشة”
وحول صعوبة الظروف بالنسبة إلى الباحث والجامعة قال د. جمعة العمر: “إنجاز جامعة إدلب مناقشة لأطروحة دكتوراه بهكذا ظروف أمرٌ ممتاز، فالطبيب تكلم عن المحجم والخطاف التناسلي بكل دقة، وهو كلام لا يفهمه الكثير سوى المختصين بعلم الطفيليات، حققنا فائدة علمية وأصبح لدينا أخصائي يمكن دخوله على طلاب الطب والعلوم والطب البيطري، كنا بحاجة إلى دراسة عوامل نمو الطفيليات وغزارتها، لكن الأمر خارج عن سيطرته، لو توفرت الظروف البيئية المناسبة لحصل على نتائج أفضل.”
وعند سؤالنا العمر عن مناقشات أخرى، أكد لنا وجود مناقشات قادمة في القانون على وشك الإعلان عنها، ومناقشة دكتوراه في الكيمياء الصيدلانية، وهناك عدة مسجلين أيضا، وأضاف أيضا أنه يمكن فتح ماجستير ضمن كل كلية بشرط توفر الكوادر المناسبة التي يتم السعي لتجهيزها، ونوه إلى إمكانية فتح ماجستير بجميع الكليات، وذكر أن أغلبها مفتوح كـالآداب والعلوم والتربية والطب والبيطرة والصيدلة، وقال: “فتحنا دبلوماً واحداً لكل ماجستير لقلة الكوادر التدريسية المناسبة، وقمنا بجمع ثلاث كليات معا لفتح ماجستير واحد تحت مسمى “صحة وسلامة الأغذية” وهو مفتوح في كلية الزراعة والعلوم الإدارية، وبذلك لم يبقَ سوى معهد التمريض ومعهد الإعلام سيتم تحويلهما إلى كلية، وبتوفر الكوادر المطلوبة سيفتتح الدبلوم.”
ونهاية قال العمر: “بحثُ الشيخ يعدُّ إضافة علمية سُجلت على معرفات جديدة تقوي جامعاتنا المحلية وتعطيها صفة البحثية الدولية، ولو أصبحت بالمستقبل دراسات رديفة سيكون هذا البحث المرجع الأول، نتيجة لذلك سيتحسن مستوى جامعاتنا بتوفير كوادر وتثبيتها لتعليم الطلاب وفتح مجال للحفاظ على الكوادر كيما تهاجر خارج سورية”.